القسم الثالث: أوجه الشبه الجمالية في الموسيقى البروتستانتية والكاثوليكية واليهودية
17
هناك تشابه مؤكد في المفاهيم للموسيقى البروتستانتية والكاثوليكية واليهودية؛ فالموسيقى البروتستانتية والكاثوليكية ترجع جذورها الجمالية إلى الفلسفة الأفلاطونية واللاهوت العبراني. وقد احتفظ البروتستانت بالمفاهيم الموسيقية الأساسية للكاثوليك. كما أن الكاثوليك أنفسهم لم يتخلوا أبدا عن التراث الموسيقي الذي آل إليهم من أسلافهم العبرانيين . ومن الواضح أن هناك روحا أخلاقية وجمالية واحدة تجمع بين تحذيرات الحاخامات اليهود من الأغاني اللاأخلاقية وبين النصائح التي وجهها أفلاطون إلى حراس الدولة.
وهكذا فإن ما كان يبدو مجرد نظرية جمالية في محاورات أفلاطون قد تحول إلى واقع فني فعلي في العصور الوسطى. وقد تم هذا الانتقال من النظرية الجمالية اليونانية إلى التطبيق العملي في العصور الوسطى عندما قام بعض آباء الكنيسة بإدخال أفلاطون في المسيحية الأولى بوصفه حجة معصوما من الخطأ ينبغي أن تتخذ آراؤه في الموسيقى معيارا للحكم في مجال الموسيقى الدينية، فضلا عن الموسيقى الدنيوية. وقد أكد آباء الكنيسة سمات معينة في الآراء الأفلاطونية، هي: (1)
أن للموسيقى تأثيرات أخلاقية قوية. (2)
أن الموسيقى وسيلة عظيمة الفعالية لبلوغ أية حالة انفعالية منشودة. (3)
العلاقة التقليدية بين النص والنغم. (4)
الحملة على التجديد الموسيقي.
على أن هذه النظريات الجمالية الأربع في الموسيقى لم تظل وقفا على الكاثوليك، بل إن التأثير الجمالي الذي مارس التعاليم الأفلاطونية على أفلاطون في العصر اليوناني الروماني، ثم على القديس أوغسطين، كان له صداه في النظريات الموسيقية الجمالية عند لوثر وكالفان بدورهما.
ولقد كان الجانب الذي يهم أفلاطون من الموسيقى هو الجانب الأخلاقي قبل كل شيء. والحق أن التأثير الذي خلفته فلسفته الموسيقية في الأجيال اللاحقة كان هائلا. وإذا لم تكن هناك شواهد على تأثير الموسيقى العبرانية به مباشرة، فإن موسيقى الشعائر الكاثوليكية والبروتستانتية ما زالت تحمل الطابع الأفلاطوني على صفحاتها. وهذا التأثير الأفلاطوني الدائم يمكن أن يؤدي إلى تلك المفاهيم الموسيقية الأربعة التي ذكرناها من قبل، والتي دافع عنها مؤسس الأكاديمية في كتاباته.
অজানা পৃষ্ঠা