আরব দার্শনিক ও দ্বিতীয় শিক্ষক
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
জনগুলি
فيلسوف العرب الكندي
المعلم الثاني الفارابي
الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي
بطليموس العرب ابن الهيثم
شيخ المجددين في الإسلام ابن تيمية الفيلسوف
فيلسوف العرب الكندي
المعلم الثاني الفارابي
الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي
بطليموس العرب ابن الهيثم
شيخ المجددين في الإسلام ابن تيمية الفيلسوف
অজানা পৃষ্ঠা
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
تأليف
مصطفى عبد الرازق
فيلسوف العرب الكندي
قبيلته ونسبه
ينتسب الفيلسوف «يعقوب الكندي» إلى كندة، «وكندة» هي من بني كهلان وبلادهم باليمن
1
وكان لكندة ملك بالحجاز واليمن، وفي الأغاني:
2 «قال أبو عبيدة: حدثني أبو عمرو بن العلاء أن العرب كانت تعد البيوتات المشهورة بالكبر والشرف من القبائل بعد بيت هاشم بن عبد مناف في قريش ثلاثة بيوت ومنهم من يقول أربعة: بيت آل حذيفة بن بدر الفزاري بيت قيس، وبيت آل زراره بن عدس الدارميين، وبيت آل ذي الجدين بن عبد الله بن همام بيت شيبان، وبيت بني الديان من بني الحارث بن كعب بيت اليمن.»
অজানা পৃষ্ঠা
وأما «كندة» فلا يعدون من أهل البيوتات إنما كانوا ملوكا.
وقال الكلبي: قال كسرى للنعمان: هل في العرب قبيلة تشرف على قبيلة؟
قال: نعم.
قال: بأي شيء؟
قال: من كانت له ثلاثة آباء متوالية رؤساء، ثم اتصل ذلك بكمال الرابع، والبيت قبيلته فيه.
قال: فاطلب لي ذلك. فطلبه فلم يصبه إلا في آل حذيفة بن بدر، بيت قيس بن عيلان، وآل حاجب بن زرارة بيت تميم، وآل ذي الجدين بيت شيبان، وآل الأشعث بن قيس، بيت كندة.
قال: فجمع هؤلاء الرهط ومن تبعهم من عشائرهم فأقعد لهم الحكام العدول، فأقبل من كل قوم منهم شاعر، وقال لهم: ليتكلم كل رجل منكم بمآثر قومه وفعالهم، وليقل شاعرهم فيصدق، فقام حذيفة بن بدر وكان أسن القوم وأجرأهم مقدما فقال ...
ثم قام الأشعث بن قيس، وإنما أذن له أن يقوم قبل ربيعة وتميم لقرابته بالنعمان، فقال: لقد علمت العرب أنا نقاتل عديدها الأكثر، وقديم زحفها الأكبر، وأنا غياث اللزبات.
فقالوا: لم يا أخا كندة؟
قال : لأنا ورثنا ملك كندة فاستظللنا بأفيائه، وتقلدنا منكبة الأعظم، وتوسطنا بحبوحه الأكرم.
অজানা পৃষ্ঠা
ثم قام شاعرهم فقال:
إذا قست أبيات الرجال ببيتنا
وجدت له فضلا على من يفاخر
فمن قال: كلا أو أتانا بخطة
ينافرنا يوما فنحن نخاطر
تعالوا فعدوا يعلم الناس أينا
له الفضل فيما أورثته الأكابر
ثم قال بسطام بن قيس فقال: ... ثم قام حاجب بن زرارة فقال: ... ثم قام قيس بن عاصم فقال: ... فلما سمع كسرى ذلك منهم قال: «ليس منهم إلا سيد يصلح لموضعه فأسنى حباءهم.»
وفي كتاب المعارف لابن قتيبة عند الكلام على أديان الجاهلية: «وكانت اليهودية في حمير، وبني كنانة، وبني الحارث بن كعب، وكندة.»
3
অজানা পৃষ্ঠা
هذه سيرة يعقوب الكندي في الجاهلية. •••
أما نسبه في الإسلام فهو: أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس.
وقد بقي لكندة مجدها في الإسلام: فمن كندة من كان له ذكر في الفتوح والثورات
4
ومنهم من ولي الولايات
5
ومنهم من تقلد القضاء.
قال ابن دريد في كتاب الاشتقاق:
6 «ولي القضاء من كندة بالكوفة أربعة: جبر بن القشعم، ثم شريح، ثم عمرو بن أبي قرة، ثم حسين بن حسن الحجري، ولاه خالد بن عبدالله القسري.»
ومنهم: الشعراء كجعفر بن المكفوف شاعر الشيعة، وعزام بن المنذر من المعمرين وهو الذي يقول في شعره:
অজানা পৃষ্ঠা
ووالله ما أدري أأدركت أمة
على عهد ذي القرنين أو كنت أقدما؟
متى تنزعا عني القميص تبينا
جناجن لم يكسين لحما ولا دما
وأول من أسلم من آباء الكندي الأشعث بن قيس،
7
قال ابن الأثير الجزري:
8
وفد إلى النبي سنة عشر من الهجرة في وفد كندة وكانوا ستين راكبا فأسلموا ... وكان الأشعث ممن ارتد بعد النبي فسير أبو بكر الجنود إلى اليمن، فأخذوا الأشعث أسيرا فأحضر بين يديه فقال له: استبقني لحربك وزوجني بأختك، فأطلقه أبو بكر وزوجه بأخته، وهي أم محمد بن الأشعث، ولما تزوجها اخترط سيفه ودخل سوق الإبل فجعل لا يرى جملا ولا ناقة إلا عرقبه، وصاح الناس: كفر الأشعث، فلما فرغ طرح سيفه وقال: إني ولله ما كفرت، ولكن زوجني هذا الرجل أخته، ولو كنا ببلادنا لكانت لنا وليمة غير هذه، يا أهل المدينة انحروا وكلوا، ويا أصحاب الإبل خذوا أثمانها فما رئي وليمة مثلها، وشهد الأشعث اليرموك بالشام ففقئت عينه ثم سار إلى العراق فشهد القادسية والمدائن وجلولا ونهاوند، وسكن الكوفة وابتنى بها دارا، وشهد صفين مع علي وكان ممن ألزم عليا بالتحكيم، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وكان عثمان - رضي الله عنه - استعمله على أذربيجان، وكان الحسن بن علي تزوج بنته فقيل: هي التي سقت الحسن السم فمات ... وتوفي سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة أربعين.
وقال الحافظ البغدادي
অজানা পৃষ্ঠা
9
عن الأشعث بن قيس إنه «قدم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في وفد كندة، ويعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة، وله عن النبي
صلى الله عليه وسلم
رواية، وقد شهد مع سعد بن أبي وقاص قتال الفرس بالعراق، وكان على راية كندة يوم صفين مع علي بن أبي طالب، وحضر قتال الخوارج بالنهروان، وورد المدائن ثم عاد إلى الكوفة فأقام بها حتى مات في الوقت الذي صالح فيه الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان وصلى عليه الحسن ... الأشعث بن قيس يكنى أبا محمد.
مات في آخر سنة أربعين بعد قتل علي ... مات بعد قتل علي بن أبي طالب بأربعين ليلة فيما أخبر ولده، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.»
وأما محمد بن الأشعث، فقيل: إنه ولد على عهد رسول الله واستعمله ابن الزبير على الموصل.
10
وذكر الزبير بن بكار في تسمية أولاد علي أن مصعب بن الزبير لما غزا المختار بعث على مقدمته محمد بن الأشعث، وعبيد الله بن علي بن أبي طالب فقتلا، وكان ذلك سنة سبع وستين.
অজানা পৃষ্ঠা
ولمحمد بن الأشعث ولد يسمى عبد الرحمن خرج على الحجاج واستولى على خراسان، ثم سار إلى جهة الحجاج وغلب على الكوفة وقويت شوكته، ثم أمد عبد الملك الحجاج بالجيوش، فانهزم عبد الرحمن ولحق بملك الترك، وأرسل الحجاج بطلبه وتهدد ملك الترك بالغزو إن أخره، فقبض ملك الترك على عبد الرحمن وعلى أربعين من أصحابه، وبعث بهم إلى الحجاج، فلما نزل في مكان في الطريق ألقى عبد الرحمن نفسه من سطح فمات وذلك في سنة خمس وثمانين.
ويظهر أن هذا الحادث، حادث عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي يصوره الدكتور طه حسين في كتابه «الأدب الجاهلي» بقوله: «ثم نحن نعلم أن حفيد الأشعث بن قيس وهو عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قد ثار بالحجاج وخلع عبد الملك، وعرض ملك آل مروان للزوال وكان سببا في إراقة دماء المسلمين من أهل العراق والشام، وكان الذين قتلوا في حروبه يحصون فيبلغون عشرات الآلاف»، يظهر أن هذا الحادث جنى على منزلة بيت الأشعث بن قيس عند آل مروان، فخفت ذكرهم في التاريخ حوالي جيلين، من أجل ذلك سكت التاريخ عن إسماعيل بن محمد بن الأشعث أخي عبد الرحمن، وعن ابنه عمران، وهما جدان من جدود يعقوب بن إسحاق الكندي، بل قد سكت التاريخ عن شأن «الصباح» اللهم إلا ما جاء في كتاب «أخبار الحكماء»
11
نقلا عن ابن جلجل الأندلسي، كما جاء أيضا في كتاب «عيون الأنباء في طبقات الأطباء»:
12
وقال سليمان بن حسان: «إن يعقوب بن إسحاق الكندي شريف الأصل بصري كان جده ولي الولايات لبني هاشم.»
ويظهر أن في هذه الرواية خلطا؛ لأن الذي ولي الولايات لبني هاشم إنما هو إسحاق بن الصباح كما أجمع عليه سائر المؤرخين، ولأن الكندي لم يكن بصريا وإنما كان من الكوفة، على أن الصباح كان من عشيرته في مقام رفيع حتى أصبحوا ينتسبون إليه، فيقال لهم: بنو الصباح كما يقال: بنو الأشعث بن قيس.
وإذا كانت صلة بني الأشعث بن قيس بالخلفاء من بني مروان قد انقطعت منذ خروج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على الحجاج، وعبد الملك بن مروان، فإن بيت الكندي ظل في الكوفة من بيوتات المجد والحسب الشامخ، ولما تولى الخلافة العباسيون عاد بيت الكندي إلى الظهور في ميدان السياسة والحكم، فتولى إسحاق بن الصباح الكوفة في أيام المهدي والرشيد.
وإسحاق بن الصباح الكندي الأشعثي مذكور في كتب رجال الحديث على أنه ضعيف مقل من الطبقة السابعة؛ أي: أنه عاش في المائة الثانية من الهجرة.
13
অজানা পৃষ্ঠা
أما كتب التاريخ والأدب فتذكر كثيرا من أخبار ولايته وعزه وجاهه وكرمه وصلته بالشعراء والعلماء ومظاهر غناه ونبله وأخذه بأسباب الترف والنعيم.
وقال ابن سعد
14
كان إسحاق الصباح الأشعثي صديقا لنصيب:
15
وقدم قدمة من الحجاز فدخل على إسحاق وهو يهب لجماعة وردوا عليه برا وتمرا، فيحملونه على إبلهم ويمضون، فوهب نصيب جارية حسناء يقال لها: «مسرورة» فأردفها خلفه ومضى وهو يقول:
إذا احتقبوا برا فأنت حقيبتي
من الشرفيات الثقال الحقائب
ظفرت بها من أشعثي مهذب
أغر، طويل الباع، جم المواهب
অজানা পৃষ্ঠা
فدا لك يا إسحاق كل مبخل
ضجور، إذا عضت شداد النوائب
إذا ما بخيل المال غيب ماله
فمالك عد، حاضر، غير غائب
إذا اكتسب القوم الثراء فإنما
يرى الحمد غنما من كريم المكاسب
وقال فيه أيضا:
فتى من بني الصباح يهتز للندى
كما اهتز مسنون الفرار عتيق
فتى لا يذم الضيف والجار رفده
অজানা পৃষ্ঠা
ولا يجتويه صاحب ورفيق
أغر، لأبناء السبيل موارد
إلى بيته، تهديهم، وطريق
وإن عد أنساب الملوك وجدته
إلى نسب يعلوهم ويفوق
فما في بني الصباح إن بعد المدى
على الناس، إلا سابق وعريق
وإني لمن شاحنتم لمشاحن
وإني لمن صادقتم لصديق
وورد ذكر إسحاق بن الصباح في كتاب «البيان والتبيين»
অজানা পৃষ্ঠা
16
للجاحظ في قصة من قصص بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي الذي كان من عقلاء المجانين، وكان محبوبا عند الرشيد وغيره من الخلفاء وتوفي في حدود سنة 190ه / 806م، قال الجاحظ: «ومن مجانين الكوفة: بهلول وكان يتشيع، قال له إسحاق بن الصباح: أكثر الله في الشيعة مثلك قال: بل أكثر الله في المرجئة مثلي وأكثر في الشيعة مثلك.»
وأول عهد إسحاق بن الصباح بالولايات والحكم كان في سنة 159 في عهد الخليفة المهدي الواقع بين سنتي 158-169.
ويروى:
17
أن المهدي ضم إلى شريك بن عبد الله النخعي الكوفي المتوفى سنة 177 الصلاة مع القضاء، وولى شرطه إسحاق بن الصباح، ثم ولى إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث الكوفة، وولى شرطه النعمان بن جعفر الكندي فمات النعمان، فولى على شرطه أخاه يزيد بن جعفر، ويقال: إن شريكا القاضي هو الذي أشار على المهدي باختيار إسحاق، وظل يتناوب ولاية الكوفة مع هاشم بن سعيد، وروح بن حاتم، وموسى بن عيسى إلى عهد الرشيد الواقع بين 170-193، وهؤلاء كانوا سراة الكوفة ووجوهها.
وكان موسى بن عيسى واليا على الكوفة، فقال موسى لشريك: ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك، عزلك عن القضاء، فقال شريك: هم أمراء المؤمنين يعزلون القضاة ويخلعون ولاة العهود فلا يعاب ذلك عليهم، فقال موسى: ما ظننا أنه مجنون هكذا لا يبالي ما تكلم به، وكان أبوه عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر فخلعه بمال أعطاه إياه، وهو ابن عم أبي جعفر.
فوالد الكندي كان يزاحم بمنكبه أبناء عمومة الخليفة، وكانت ولاية الكوفة دولة بينه وبينهم، بل كان ابن عم الخليفة يلجأ إلى إسحاق بن الصباح ليلين من شكيمة القاضي شريك بن عبد الله.
والظاهر أن إسحاق بن الصباح توفي في أواخر عهد هارون الرشيد المتوفى سنة 193، وظلت قرابته تتصل بخدمة الخلفاء، فإن المؤرخين لا يعرضون لإسحاق بعد زمن الرشيد، وقد سبقت الإشارة إلى قول كتب الرجال: إنه من أهل المائة الثانية.
على أنا نجد اسم جعفر بن محمد بن الأشعث في أسماء من ولاهم الرشيد خراسان، على ما في تاريخ الطبري، وذكر الطبري
অজানা পৃষ্ঠা
18
أيضا أن الرشيد اتهم هرثمة فوجه ابنه المأمون قبل وفاته بثلاث وعشرين ليلة إلى مرو ومعه عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وأسد بن يزيد بن مزيد، والعباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث إلخ.
وأما شريك القاضي فيروى عن حزمه وعدله قصص كثيرة، فمن ذلك ما رواه عمر بن هياج بن سعد قال: أتت امرأة يوما شريك بن عبد الله قاضي الكوفة وهو في مجلس الحكم فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، قال: من ظلمك؟ قالت: الأمير موسى بن عيسى ابن عم أمير المؤمنين، كان لي بستان على شاطئ الفرات، فيه نخل ورثته عن أبي وقاسمت إخوتي، وبنيت بيني وبينهم حائطا، وجعلت فيه رجلا فارسيا يحفظ النخل ويقوم به، فاشترى الأمير موسى بن عيسى من جميع إخوتي، وساومني ورغبني فلم أبعه، فلما كان هذه الليلة بعث بخمسمائة غلام وفاعل فاقتلعوا الحائط، فأصبحت لا أعلم من نخلي شيئا واختلط بنخل إخوتي، فقال: يا غلام أحضر طينة، فأحضر، فختمها وقال: امض إلى بابه حتى يحضر معك، فجاءت المرأة بالطينة المختومة فأخذها الحاجب ودخل على موسى فقال: قد أعدى القاضي عليك وهذا ختمه، فقال: ادع لي صاحب الشرطة فدعا به، فقال: امض إلى شريك وقل: يا سبحان الله ما رأيت أعجب من أمرك، امرأة ادعت دعوى لم تصح أعديتها علي، فقال صاحب الشرطة: إن رأى الأمير أن يعفيني من ذلك، فقال: امض ويلك، فخرج وقال لغلمانه: اذهبوا واحملوا إلى حبس القاضي بساطا وفراشا وما تدعو الحاجة إليه، ثم مضى إلى شريك، فلما وقف بين يديه أدى الرسالة، فقال لغلام المجلس: خذ بيده فضعه في الحبس، فقال صاحب الشرطة: والله قد علمت أنك تحبسني فقدمت ما أحتاج إليه إلى الحبس ...
19
وشريك هذا هو أبو عبد الله: تولى القضاء بالكوفة أيام المهدي ثم عزله موسى الهادي، وتولى القضاء بعد ذلك بالأهواز، توفي بالكوفة سنة 177 أو 178ه وكان هارون الرشيد بالحيرة فقصده ليصلي عليه فوجدهم قد صلوا عليه فرجع.
جرى بينه وبين مصعب بن عبد الله الزبيري كلام بحضرة المهدي، فقال له مصعب: أنت تنتقص أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فقال القاضي شريك: والله ما انتقص جدك وهو دونهما. ودخل يوما على المهدي فقال له: لا بد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث خصال، قال: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: إما أن تلي القضاء أو تحدث ولدي وتعلمه، أو تأكل عندي أكلة؛ وذلك قبل أن يلي القضاء، فأفكر ساعة ثم قال: لأكلة أخفها على نفسي.
فأجلسه وتقدم إلى الطباخ أن يصلح له ألوانا من المخ المعقود بالسكر الطبرزد والعسل وغير ذلك، فعمل ذلك وقدمه إليه، فأكل فلما فرغ من الأكلة قال له الطباخ: والله يا أمير المؤمنين ليس يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا.
قال الفضل بن الربيع: فحدثهم والله شريك بعد ذلك، وعلم أولادهم، وولي القضاء لهم.
وقد كتب له برزقه على الصيرفي فضايقه النقد، فقال له الصيرفي: إنك لم تبع به بزا. فقال له شريك: بل والله بعت به أكثر من البز، بعت به ديني.
وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي المتوفى سنة 463: «قال عبد الله بن مصعب: حضرت شريكا في مجلس أبي عبيد الله، وعنده الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، والجريري (وهو رجل من ولد جرير كان خطيبا للسلطان)، فقال شريك: حدثنا أبو إسحاق ... عن عمر بن الخطاب قال: إنا كنا نأكل لحوم هذه ونشرب عليها النبيذ ليقطعها في أجوافنا وبطوننا، فقال الحسن بن زيد: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق، فقال شريك: أجل والله ما سمعت، شغلك عن ذلك الجلوس على الطنافس في صدور المجالس.»
অজানা পৃষ্ঠা
نشأته وبيئته
تاريخ ميلاد الكندي غير معروف إلا ظنا، وقد أشرنا فيما مضى إلى أن الراجح أن ميلاده كان في أواخر حياة أبيه الذي توفي في زمن الرشيد، والرشيد توفي سنة 193ه / 808م.
فالغالب: أن الكندي ولد في مطلع القرن التاسع الميلادي حوالي 801م / 185ه كما رجحه «ده بوير».
20
ولما كان يعقوب بن إسحاق الكندي قد توفي في أواسط القرن الثالث الهجري كما سيأتي تحقيقه، ولم يكن أحد ممن ترجموا له أشار إلى أنه كان من المعمرين، فمن المرجح أنه ولد في عواقب عمر أبيه وأن أباه تركه طفلا، فنشأ في الكوفة في أعقاب تراث من السؤدد ومن الغنى، وفي حضن اليتم وظل الجاه الزائل.
وإذا كان جاه بني الأشعث بن قيس لم يزل بزوال إسحاق، فإن عهدهم الزاهر في الكوفة قد تولى بموته، وكانوا انتشروا في البلاد، فلم يبق للصبي اليتيم إلا أمه التي لا نعرف من شأنها قليلا ولا كثيرا.
كانت الأيم تريد بالضرورة لولدها أن يعيش كأبيه ميسرا وجيها، فدبرت له ماله ونشأته مقتصدا مرهفا غنيا، ثم ساقته في سبيل العلم لما آنست من ذكائه المتوقد وشوقه إلى التهام المعارف، حتى إذا فاتته فخامة الحكم لم تفته جلالة العلم والحكمة.
ولقد وصف الجاحظ
21
مجد العالم الغني عن الناس وصفا لعله يمثل ما أملته لابنها أم الكندي إذ يقول: «ولقد دخلت على إسحاق بن سليمان في إمرته فرأيت السماطين والرجال مثولا وكأن على رءوسهم الطير، ورأيت فرشته وبزته.
অজানা পৃষ্ঠা
ثم دخلت عليه وهو معزول وإذا هو في بيت كتبه وحواليه الأسفاط والرفوف والقماطير والدفاتر والمساطر والمحابر، فما رأيته قط أفخم ولا أنبل ولا أهيب ولا أجزل منه في ذلك اليوم؛ لأنه جمع مع المهابة المحبة، ومع الفخامة الحلاوة، ومع السؤود الحكمة.»
كانت علوم الأحكام الدينية ووسائلها هي العلوم التي تروج يومئذ سوقها، وتكسب صاحبها كرامة عند الخلفاء المحتاجين إلى أهل هذه العلوم في إقامة ملكهم على سند من السياسة الشرعية، وكانت هذه العلوم أيضا تهب صاحبها جلالا في قلوب العامة الذين تهمهم من الدين شعائره وشرائعه.
وكانت فيما حوالي هذا الزمن نكبة البرامكة يتناقل الناس أخبارها الفاجعة، فيتمثلون ما في شرف الولايات والحكم من أخطار.
وقد شهدت أم الكندي عهد «شريك» القاضي العالم الديني، ورأت سلطانه يغالب سلطان ابن عم الخليفة في الكوفة ويذل ما لزوجها من حسب وجاه شامخ.
وكل سلطانه يقوم على علمه ودينه، وكانت الأحاديث عن عزة شريك وشدته في الحق على أهل الشرف والجاه سمر المجالس.
أمثال هذه الأسمار عن شريك وغير شريك كانت جديرة أن ترغب الناس في العلوم التي شأنها أن توصل إلى هذه المنزلة، وهي كما ذكرنا علوم الأحكام الدينية ووسائلها.
أما علوم الكلام، فلم تكن حين ذاك برغم تشجيع الخلفاء لها إلا فنونا من النظر العقلي مبتدعة، ينكرها أهل الزعامة الدينية وهي بعيدة الصلة بالحياة وحاجاتها ، فلا جاه لها من دين ولا من دنيا.
وأما الفلسفة وما إليها، فلم تكن إلا علوما دخيلة يشتغل بتعريبها أناس لا هم مسلمون ولا من العرب.
وكان من تحدثه نفسه بمعالجة بعض هذه العلوم من المسلمين لا يلقى من الثقة بعلمه ما يلقاه أهل هذا الشأن من غير المسلمين، قال الجاحظ في كتاب البخلاء
22
অজানা পৃষ্ঠা
متحدثا عن أسد بن جاني: «وكان طبيبا فأكسد مرة، فقال له قائل: السنة وبيئة، والأمراض فاشية، وأنت عالم ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة، فمن أين تؤتي في هذا الكساد؟ قال: أما واحدة فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبب، لا بل قبل أن أخلق أن المسلمين لا يفلحون في الطب، واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي صليبا، ومراسل، ويوحنا، وبيرا، وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون أبو عيسى، وأبو زكريا، وأبو إبراهيم، وعلي رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أن يكون علي رداء حرير أسود، ولفظي لفظ عربي وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل جند يسابور.»
ثقافته
كان طبيعيا إذا أن تدفع أم الكندي طفلها إلى العلوم الدينية وآلاتها، فتعلم علوم اللغة والأدب وشدا من علوم الدين شيئا، ولكن الطفل كان بفطرته طلعة، يلتمس أن يدرك بعقله الأشياء وعللها ويريد أن يحيط بكل شيء علما، فما هو إلا أن بلغ رشده وأصبح أمره بيده، حتى انطلق يرضي شهوة عقله فيتصل بعلم الكلام، ويشارك المتكلمين في مباحثهم ويغلبه حب المعرفة، فلا يجد فيما تمارسه بيئته الإسلامية العربية ما يكفي حاجة عقله الطموح، ويقتحم غمار الفلسفة وما إليها من العلوم المنقولة عن يونان وفارس والهند، ولا يجد فيما يترجمه النقلة غنى، فيحاول أن يرد هذه العلوم في منابعها، ويتعلم اليونانية، ويترجم بها ويصلح ما يترجمه غيره، ويتصل بالثقافة اليونانية اتصالا ظاهر الأثر في عواطفه وفي تفكيره.
قال المسعودي في مروج الذهب:
23
وقد كان يعقوب الكندي يذهب في نسب يونان إلى ما ذكرنا: أنه أخ لقحطان، ويحتج لذلك بأخبار يذكرها في بدء الأشياء، ويوردها من حديث الآحاد والأفراد، لا من حديث الاستفاضة والكثرة، وقد رد عليه أبو العباس عبد الله بن محمد الناشي في قصيدة له طويلة، ووكد خلطه نسب «يونان» بقحطان على حسب ما ذكرنا آنفا في صدر هذا الباب فقال:
أبا يوسف إني نظرت فلم أجد
على الفحص رأيا صح منك ولا عقدا
وصرت حكيما عند قوم إذا امرؤ
بلاهم جميعا لم يجد عندهم عندا
অজানা পৃষ্ঠা
أنقرن إلحادا بدين محمد
لقد جئت شيئا يا أخا كندة إدا
وتخلط يونانا بقحطان ضلة
لعمري لقد باعدت بينهما جدا
ويظهر أن الكندي كان عارفا بالسريانية، وكان ينقل الكتب منها إلى العربية.
فقد جاء في كتاب «أخبار العلماء بأخبار الحكماء»:
24 «ومما اشتهر من كتب بطليموس وخرج إلى العربية ... كتاب «الجغرافيا في المعمور من الأرض».» وهذا الكتاب نقله الكندي إلى العربية نقلا جيدا ويوجد سريانيا.»
وفي كتاب «طبقات الأطباء»
25
نقلا عن أبي معشر: حذاق الترجمة في الإسلام أربعة: حنين بن إسحاق، ويعقوب بن إسحاق الكندي، وثابت بن قرة الحراني، وعمر بن الفرخان الطبري.
অজানা পৃষ্ঠা
ومترجمو الكندي يكادون يتفقون على أنه (كان كثير الاطلاع).
26
يقول ابن النديم في الفهرست:
27 «فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها». ويقول صاحب كتاب «أخبار الحكماء»:
28 «المشتهر في الملة الإسلامية بالتبحر في فنون الحكمة اليونانية والفارسية والهندية.»
وقد يكون تبحره في هذه الفنون دليلا على أنه تعلم من اللغات ما أعانه على ذلك.
وفي مواضع متفرقة من كتاب «الفهرست» ما يدل على أن الكندي كان محيطا بمذاهب الحرنانية الكلدانيين المعروفين بالصابئة ومذاهب الثنوية الكلدانيين.
وقد نقل صاحب الفهرست
29
وصف هذه المذاهب حكاية من خط أحمد بن الطيب في أمرهم، حكاها عن الكندي.
অজানা পৃষ্ঠা
وورد كذلك في الفهرست «قال الكندي: إنه نظر في كتاب يقر به هؤلاء القوم وهو مقالات لهرمس في التوحيد لا يجد الفيلسوف إذا أتعب نفسه مندوحة عنها والقول بها.»
30
وفي الفهرست أيضا ما يدل على أن الكندي كان خبيرا بمذاهب الهند معنيا بدرسها، فقد جاء فيه ما نصه: «قرأت في جزء ترجمته ما هذه حكايته: «كتاب فيه ملل الهند وأديانها، نسخت هذا الكتاب من كتاب كتب يوم الجمعة لثلاث خلون من المحرم سنة تسع وأربعين ومائتين».» لا أدري الحكاية التي في هذا الكتاب لمن هي؟
إلا أني رأيته بخط يعقوب بن إسحاق الكندي حرفا حرفا، وكان تحت هذه الترجمة ما هذه حكايته بلفظ كاتبه: حكى بعض المتكلمين بأن يحيى بن خالد البرمكي بعث برجل إلى الهند ليأتيه بعقاقير موجودة في بلادهم وأن يكتب له أديانهم فكتب له هذا الكتاب.»
31
وقال محمد بن إسحاق: الذي عنى بأمر الهند في دولة العرب: يحيى بن خالد وجماعة البرامكة واهتمامها بأمر الهند وإحضارها علماء طبها وحكماءها.»
تعلم الكندي في الكوفة، وانتقل إلى بغداد، واشتغل بعلم الأدب، ثم بعلوم الفلسفة، كما ذكر ذلك ابن نباتة المصري في كتابه «سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون».
32
أما صاحب كتاب «أخبار الحكماء» فيذكر في ترجمة الكندي نقلا عن ابن جلجل الأندلسي: أن يعقوب بن الصباح كان شريف الأصل بصريا، وكان جده ولي الولايات لبني هاشم ونزل البصرة وضيعته هناك وانتقل إلى بغداد، وهنالك تأدب، وينقل عن ابن أبي أصيبعة مثل ذلك.
وإذا كان فيما نقله القفطي وابن أبي أصيبعة خطأ من ناحية جعل الكندي بصريا، ففيه أيضا تعارض؛ إذ كيف يكون بصريا ثم يقال: نزل البصرة؟
অজানা পৃষ্ঠা
على أنه ليس ببعيد أن يكون الكندي نزل البصرة قبل ذهابه إلى بغداد، وليس ببعيد أن كانت له ضيعة هناك.
أما تاريخ انتقاله من الكوفة إلى البصرة وتاريخ ذهابه إلى بغداد فليس عندنا منهما خبر.
وقد كانت الكوفة والبصرة وبغداد مراكز الثقافة في بلاد الإسلام على اختلاف فنونها.
وفي كتاب «طبقات الأطباء»:
33 «أن يعقوب بن إسحاق كان عظيم المنزلة عند المأمون، والمعتصم، وعند ابنه أحمد.»
وليس لدينا ما يدل على أن صلة الكندي بهؤلاء الخلفاء كانت عبارة عن دخوله في المناصب إلا ما يروى من أنه كان مؤدبا لأحمد بن المعتصم.
ومع ممارسة الكندي للأدب وما إليه حتى قال صاحب كتاب «أخبار الحكماء »: «وخدم الملوك مباشرة بالآدب»، وحتى نقلوا عنه حكايات في نقد الشعر، وفي الجدل في أسرار البلاغة العربية، وحتى ذكروا أن له كتابا في صنعة البلاغة،
34
مع ذلك فإن الأدب لم يكن هو الميدان الذي ظهرت فيه مواهب الكندي وآثار عبقريته.
وفي كتاب «سرح العيون» لابن نباتة المصري: «حكى أنه كان حاضرا عند أحمد بن المعتصم وقد دخل أبو تمام، فأنشده قصيدته السينية، فلما بلغ إلى قوله:
অজানা পৃষ্ঠা