163

ফায়দুল কাদির

فيض القدير شرح الجامع الصغير

প্রকাশক

المكتبة التجارية الكبرى

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

১৩৫৬ AH

প্রকাশনার স্থান

مصر

⦗٢٠٦⦘ ٢٨٢ - (أخبروني) يا أصحابي (بشجرة شبه) بكسر فسكون وبفتحتين وفي رواية مثل كذلك وهما بمعنى كما في الصحاح (الرجل المسلم) هذا هو المشبه به والنخلة مشبهة وكان القياس تشبيه المسلم بها ليكون وجه الشبه فيها أظهر لكن قلب التشبيه إيذانا بأن المسلم أتم منها في الثبات وكثرة النفع على حد قوله:
وكأن النجوم بين دجاها. . . سنن لاح بينهن ابتداع
ثم بين وجه الشبه بقوله (لا يتحات) أي لا يتساقط (ورقها) وكذا المسلم لا تسقط له دعوة (ولا) ينقطع ثمرها فإنها من حين يخرج طلعها يؤكل منه إلى أن يصير تمرا يابسا يدخر فكذا المسلم لا ينقطع خيره حيا ولا ميتا (ولا) يبطل نفعها (ولا) يعدم فيؤها بل ظلها دائم ينتفع به هكذا كرر النفي ثلاثا على طريق الاكتفاء ووقع في مسلم ذكر النفي مرة واحدة فظن الراوي عنه تعلقه بما بعده فاستشكله وقال: لعل لا زائدة ولعله وتؤتي إلى آخره وليس كما ظن بل معمول النفي محذوف اكتفاء كما قدر وقرر ثم ابتدأ كلاما على طريق التفسير لما قبله (تؤتي أكلها كل حين) بإذن ربها فإنها تؤكل من حين تطلع إلى أن تيبس ثم ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في العلف والليف في الحبال والجذع في البناء والخوص في نحو آنية وزنبيل وغير ذلك وكذا المؤمن ثابت بإيمانه متحل بإيقانه جميل الخلال والصفات كثير الصلاة والصلات جزيل الإحسان والصدقات وما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح وينتفع بكل صادر عنه حيا وميتا قال ابن عمر راوي الخبر فوقع الناس في شجرة البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة وأردت أن أقولها فإذا أنا أصغر القوم فاستحييت ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: (هي النخلة) وفيه أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة في السؤال وأن الملغز ينبغي أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للغز بابا يدخل منه بل كلما قربه كان أعذب في نفس سامعه وامتحان العالم أذهان طلبته بما يدق مع بيانه إن لم يفهموه ولا ينافيه النهي عن الأغلوطات المفسرة بصعاب المسائل لحمله على ما لا نفع فيه أو ما خرج على طريق تعنت المسؤول أو تعجيزه والتحريض على الفهم في العلم وبركة النخلة وما تثمر. ثم إن ما تقرر من وجه الشبه هو الأنسب مما أورد في هذا المقام قال ابن حجر: ومن زعم أن موقع التشبيه توافق التشبيه من جهة كون النخلة إذا قطع رأسها ماتت أو أنها لا تحمل حتى تلقح أو أنها إذا غرقت ماتت أو أن لطلعها رائحة كمني الآدمي أو أنها تعشق فكلها أوجه ضعيفة إذ كل ذلك مشترك في الآدميين لا يختص بالمسلم وأضعف منه زعم أنها خلقت من فضلة طينة آدم فإنه حديث لم يثبت وفيه رمز إلى أن تشبيه الشيء بالشيء لا يلزم منه كونه نظيره من كل وجه فإن المؤمن لا يماثله شيء من الجماد ولا يعادله. قال ابن رشيق كغيره والمشابهة الاتحاد في الكيف كاتفاق لونين أو حرارتين مثلا والتشبيه وصف الشيء بما قاربه وشاكله من جهة أو جهات لا من جميع جهاته إذ لو ناسبه كليا لكان هو إياه
(خ عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما
٢٨٣ - (أخبر) بضم الهمزة والموحدة أمر بمعنى الخبر (تقله) بفتح فسكون فضم أو كسر من القلى البغض الشديد قال في الكشاف: كأنه بغض يقلى الفؤاد والكبد انتهى والهاء للسكت وهذا لفظ رواية أبي يعلى ولفظ رواية ابن عدي وغيره وجدت الناس أخبر تقله أي وجدت أكثرهم كذلك أي علمتهم مقولا فيهم هذا القول ما منهم من أحد إلا وهو مسخوط الفعل عند الخبرة فإذا خبرته أبغضته كذا قرره بعض الأعاظم وظاهر اقتصاره على جعل الهاء للسكت أنها ليست إلا له لكن ذكر فيه في الكشف أنها إما للسكت أو ضمير حيث قال قيل مقول في شأنهم فهو ثاني ⦗٢٠٧⦘ المفعولين والضمير العائد إلى الأول محذوف والهاء للسكت أو هو الضمير نظرا إلى لفظ الناس وقيل وجدت بمعنى عرفت والناس مفعول أخبر مقدما أي عرفت هذه القصة وتحققتها وجدانا وأيا ما كان فالقصد أن من جرب الناس عرف خبث سرائر أكثرهم وندرة إنصافهم وفرط استئثارهم وفي العيان ما يغني عن البرهان وفي هذا اللفظ من البلاغة ما هو غني عن البيان وقد قيل اللفظ الحسن إحدى النفاثات في العقد قال الغزالي واحذر خصوصا مخالطة متفقهة هذا الزمان سيما المشتغلين بالخلاف والجدال فإنهم يتربصون بك لحسدهم ريب المنون ويقطعون عليك بالظنون ويتغامزون وراءك بالعيون يحصون عليك عثراتك في عشرتهم وفي عشيرتهم ويجبهونك بها في عصبتهم ومناظرتهم لا يقيلون لك عثرة ولا يغفرون لك زلة ولا يسترون لك عورة يحاسبونك على النقير والقطمير ويحسدونك على القليل والكثير ويحرضون عليك الإخوان بالتهمة والبهتان إن رضوا فظاهرهم الملق وإن سخطوا فباطنهم الحنق ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب هذا ما قضت به المشاهدة في أكثرهم إلا من رحم الله فصحبتهم خسران ومعاشرتهم خذلان هذا حكم من يظهر لك الصداقة فكيف بمن يجاهرك بالعداوة؟ إلى هنا كلام حجة الإسلام الغزالي ﵀ فإذا كان هذا زمانه فما بالك بهذا الزمان؟ ومن نظم أبي الحسين الطائي ﵀:
نظرت وما كل امرئ ينظر الهدى. . . إذا اشتبهت أعلامه ومذاهبه
فأيقنت أن الخير والشر فتنة. . . وخيرهما ما كان خيرا عواقبه
أرى الخير كل الخير أن يهجر الفتى. . . أخاه وأن ينأى عن الناس جانبه
يعيش بخير كل من عاش واحدا. . . ويخشى عليه الشر ممن يصاحبه
وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه ولا كذلك بل يقينه: وثق بالناس رويدا انتهى وممن ساقه هكذا هو في جامعه الكبير انتهى
(ع طب عد حل عن أبي الدرداء) قال الزركشي: سنده ضعيف وقال الهيتمي: فيه أبو بكر ابن أبي مريم وهو ضعيف. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح. وقال السخاوي ﵀: طرقه كلها ضعيفة لكن شاهده في الصحيحين الناس كإبل مئة لا تجد فيها راحلة انتهى كلامه إلى هنا

1 / 206