وإظهار كثير قدرة لهم، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض - ارتفاعا، أو مورثا للتهمة سيما بجهة أن الغلاة كانوا مختفين في الشيعة، مخلوطين بهم، مدلسين.
وبالجملة: الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضا، فربما كان شيء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوا أو تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو غير ذلك وكان عند آخر مما يجب اعتقاده، أو لا هذا ولا ذاك.
فكان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان الرواية الظاهرة فيها منهم، أو ادعاء أرباب المذاهب كونه منهم أو رواياتهم عنه. وربما كان المنشأ رواية المناكير عنه، إلى غير ذلك. فعلى هذا ربما يحصل التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة. (1) انتهى.
وأنت خبير بأن أمثال تلك الاحتمالات مما لا ضير فيه حينما يقولون: " فلان ضعيف " أو " ضعيف الحديث " ونحو ذلك مما يوجب عدم الوثوق برواياته؛ لكونه متهما مثل الإخراج من البلد ونحو ذلك، حثا على حفظ أخبار الأئمة من التبديل والتغيير والزيادة والنقيصة، وبقائها على صحتها والاعتماد عليها.
وأما نسبة الغلو وسائر الأديان الباطلة والمذاهب الفاسدة فمما لا يصح صدورها من مسلم إلا بعد الثبوت، ولا يكتفى فيها بمجرد وجدان الرواية الظاهرة منهم ونحو ذلك، فضلا عن مثل هؤلاء الصلحاء والعلماء الآخذين أصولهم وفروعهم من آثار الأئمة (عليهم السلام) مع كونهم محتاطين متورعين غاية الورع، والورع الحقيقي كما يمنع المتصف به عن أخذ ما لا يتيقنه كذا يمنعه عن نسبة ما لا يتيقنها.
وبالجملة: لعل ذلك مما لا تأمل فيه.
نعم، لو قالوا: " فلان غال لنفي السهو " أو لنحوه، لم يكن بهذا القدح عبرة عند من ليس هذا بغلو عنده. وأما عند الإطلاق كقولهم: " غال " أو " فاسد المذهب " أو نحو ذلك، فلا وجه للتوهين بمجرد هذه الاحتمالات الموجبة لرفع الوثوق من
পৃষ্ঠা ১১৯