دفع الاعتراض الأول؛ فإن القرائن والأمارات واضحة على كون جملة من تلك الأخبار ظنية.
نعم، يمكن كونها متواترة؛ لأخذها من الأصول المتواترة، لكن ذلك مجرد احتمال، والذي يحصل العلم به كون جملة منها على وجه الإجمال علمية. ومن البين أن ذلك لا ينفع في قطعية جميع تلك الأخبار المودعة في تلك الكتب الأربعة.
ثم إن الحق أن تصحيح ما حكموا بصحته ونقلهم المدح والذم من باب واحد، وهو كونهما (1) الأغلب من الأمور الإجتهادية الحاصلة بالقرائن. والداعي على الفرق - مع كونهما في الأغلب من الأسباب المفيدة لظن صدق الرواية - أن الحكم بالصحة على وجه العموم، والحكم بعدالة الراوي على وجه الخصوص؛ فأحد الحكمين على وجه النصوصية، والآخر على وجه الظهور، ولا يترك النص بالظهور.
ويضعف ذلك الظن بملاحظة أن الصدوق - الذي كلامه صريح في الحكم بالصحة - لم يرو في كتابه جميع ما رواه الكليني في الكافي وكذا بالعكس، وكذا الكلام في التهذيبين بالنسبة إليهما، فما أجمعوا على روايته لعل الظن فيه أقوى من الظن الحاصل من تصحيح السند.
وأما ما اختلفوا فيه فليس الظن فيه حاصلا إلا من تصحيح السند وملاحظة وثاقة الرواة في الأغلب، إلا أن يكون السند الضعيف منجبرا بالشهرة.
وبالجملة: نحن أيضا ندور مدار القرائن التي توجب الاعتماد على الرواية والوثوق بصدورها من المعصوم، وذلك مما لا يحصل لنا غالبا في ما اختلفوا في نقله في كتبهم إلا بالرجال.
পৃষ্ঠা ৫৫