ثم ذكر فيه : البحث الثاني في شرائط المجتهد : وينظمها شيء واحد ، وهو أن يكون المكلف بحيث يمكنه الاستدلال بالدلائل الشرعية على الأحكام ، وهذه المكنة إنما تحصل بأن يكون عارفا بمقتضى اللفظ ومعناه ، وبحكمة الله تعالى وعصمة الرسول صلى الله عليه وآله ليحصل له الوثوق بإرادة ما يقتضيه ظاهر اللفظ إن تجرد ، وغير ظاهره مع القرينة وعالما بتجرد اللفظ أو عدم تجرده من التخصيص والنسخ ، وبشرائط المتواتر والآحاد ، وبجهات الترجيح عند تعارض الأدلة ، وهذا إنما يحصل بمعرفة الكتاب لا بجميعه ، بل بما يتعلق بالأحكام منه وهو خمسمائة آية ، ومعرفة الأحاديث المتعلقة بالأحكام لا بمعنى أن يكون حافظا لتلك ، بل يكون عالما بمواقع الآيات حتى يطلب منها الآية المحتاج إليها ، وعنده أصل محقق يشتمل على الأحاديث المتعلقة بالأحكام ، وأن يكون عالما بالإجماع لئلا يفتي بما يخالفه ، وأن يكون عارفا بالبراءة الأصلية ، ولا بد أن يكون عالما بشرائط الحد والبرهان واللغة والنحو والتصريف ، ويعلم الناسخ والمنسوخ وأحوال الرجال.
إذا عرفت هذا ، فالحق أنه يجوز أن يحصل الاجتهاد لشخص في علم دون آخر بل في مسألة دون اخرى ، وإنما يقع الاجتهاد في الأحكام الشرعية إذا خلت عن دليل قطعي (1).
وذكر في تهذيب الاصول : المجتهد فيه : حكم شرعي ليس عليه دليل قطعي ، فخرج بالشرعي الأحكام العقلية ، وبنفي الدليل القاطع ما علم كونه من الشرع ضرورة كوجوب الصلاة والزكاة (2).
وذكر الضابط فيه : بحيث تمكن المكلف من إقامة الدليل على المسائل الفرعية ، وإنما يتم ذلك له بامور :
أحدها : معرفة اللغة ومعاني الألفاظ الشرعية لا بالجميع ، بل بما يحتاج إليه في
الخارج عن العقل والشرع؟ أو أن صاحبه يعد من قسم العلماء العقلاء المتقين! ما أظن ذلك إلا من مغرور مثله غلبه الهوى وحب الرئاسة وأن يعرف بها ، واستحوذ عليه الشيطان. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
পৃষ্ঠা ৪৪