3 - أخبرنا يحيى بن ثابت، قال: أنبأ أبي، قال: أنبأ أحمد بن محمد، قال: قرأت على أبي العباس بن حمدان , حدثكم محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي , ثنا أبو يعقوب (ق57أ) يوسف بن عدي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء رجل، فقال: " يا ابن عباس، إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي، فقد وقع ذلك في صدري، فقال ابن عباس: تكذيب؟ فقال الرجل: ما هو بتكذيب، ولكن اختلاف، قال: فهلم ما وقع في نفسك، فقال له الرجل: أسمع الله يقول {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}، وقال في آية أخرى {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}، وقال في آية أخرى {لا يكتمون الله حديثا}، وقال في آية أخرى {والله ربنا ما كنا مشركين}، فقد كتموا في هذه الآية، وفي قوله {أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، والأرض بعد ذلك دحاها} فذكر في هذه الآية خلق السماوات قبل الأرض، وقال في هذه الآية الأخرى {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب (ق57ب) العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا، أو كرها قالتا أتينا طائعين}، فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل خلق السماء، {وكان الله غفورا رحيما}، {وكان الله عزيزا حكيما} {وكان الله سميعا بصيرا}، فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس: هات ما في نفسك من هذا، قال السائل: إذا أنبأتني بهذا فحسبي، فقال ابن عباس: قوله {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}، فهذا في النفخة الأولى، حين ينفخ في الصور، فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، وإذا كانت النفخة الأخرى قاموا {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}، فأما قوله {والله ربنا ما كنا مشركين } وقوله {ولا يكتمون الله حديثا}،فإن الله تعالى يغفر (ق58أ) لأهل الإخلاص ذنوبهم، ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره، ولا يغفر شركا، فلما رأى المشركون ذلك قالوا: إن ربنا يغفر الذنوب، ولا يغفر شركا، فقالوا: نقول: إنما كنا أهل ذنوب، ولم نكن مشركين، فقال الله: أما إذ كتمتم الشرك فاختموا على أفواههم، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعند ذلك عرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا، فعند ذلك {يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا}، وأما قوله {السماء بناها رفع سمكها فسواها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، والأرض بعد ذلك دحاها}، فإنه خلق الأرض في يومين قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم نزل إلى الأرض فدحاها، ودحاها أن أخرج فيها الماء والمرعى، وشق فيها الأنهار، وجعل فيها السبل، وخلق الجبال والرمال والآكام (ق58ب) وما فيها في يومين آخرين، فذلك قوله {والأرض بعد ذلك دحاها}، وقوله {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام [سواء للسائلين}، فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام] (1)، وجعلت السماوات في يومين، وأما قوله {وكان الله غفورا رحيما}، {وكان الله عزيزا حكيما}، {وكان الله سميعا بصيرا}، فإن الله جعل نفسه ذلك، وسمى نفسه ذلك، ولم ينحله أحد غيره، وكان الله أي لم يزل كذلك، ثم قال ابن عباس: احفظ عني ما أحدثك به، واعلم أن ما اختلف عليك من القرآن أشياء ما حدثتك، فإن الله تبارك وتعالى لم ينزل شيئا إلا قد أصاب به الذي أراد، ولكن الناس لا يعلمون، فلا يختلفن عليك القرآن؛ فإن كلا من عند الله عز وجل ".
পৃষ্ঠা ৫