51

ফাতহ আল-কাদির

فتح القدير

প্রকাশক

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤١٤ هـ

প্রকাশনার স্থান

بيروت

قول الأعشى: أَتَنْتَهُونَ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفَتْلُ وَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: وَرُحْنَا بِكَابِنِ الْمَاءِ يُجْنَبُ وَسْطَنَا ... تُصَوَّبُ فِيهِ الْعَيْنُ طَوْرًا وَتَرْتَقِي أَرَادَ مِثْلَ الطَّعْنِ، وَبِمِثْلِ ابْنِ الْمَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا: أَيْ مَثَلُهُمْ مُسْتَنِيرٌ كَمَثَلِ، فَالْكَافُ عَلَى هَذَا حَرْفٌ. وَالْمَثَلُ: الشَّبَهُ، وَالْمِثْلَانِ: المتشابهان والَّذِي موضوع موضع الذين: أي كمثل الَّذِينَ، أَيْ كَمَثَلِ الَّذِينَ اسْتَوْقَدُوا، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلَجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ وَمِنْهُ: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا «١» وَمِنْهُ: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «٢» . ووقود النار: سطوعها وارتفاع لهبها، واسْتَوْقَدَ بِمَعْنَى أَوْقَدَ مِثْلُ اسْتَجَابَ بِمَعْنَى أَجَابَ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ أَيْ يُجِبْهُ. وَالْإِضَاءَةُ فَرْطُ الْإِنَارَةِ، وَفِعْلُهَا يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِيًّا. وما حَوْلَهُ قِيلَ مَا زَائِدَةٌ، وَقِيلَ هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولُ أَضَاءَتْ، وَحَوْلَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وذَهَبَ مِنَ الذَّهَابِ، وهو زوال الشيء. ووَ تَرَكَهُمْ أَيْ أَبْقَاهُمْ فِي ظُلُماتٍ جَمْعُ ظُلْمَةٍ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ أَشْهَبُ العقيلي بفتح اللام، وهي عدم النور. وصُمٌّ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ هُمْ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: صُمًّا بُكْمًا عُمْيًا بِالنَّصْبِ عَلَى الذَّمِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِقَوْلِهِ تَرَكَهُمْ. وَالصَّمَمُ: الِانْسِدَادُ، يُقَالُ قَنَاةٌ صَمَّاءُ: إِذَا لَمْ تَكُنْ مُجَوَّفَةً، وَصَمَمْتُ الْقَارُورَةَ: إِذَا سَدَدْتُهَا، وَفُلَانٌ أَصَمُّ: إِذَا انْسَدَّتْ خُرُوقُ مَسَامِعِهِ. وَالْأَبْكَمُ: الَّذِي لَا يَنْطِقُ وَلَا يَفْهَمُ، فَإِذَا فَهِمَ فَهُوَ الْأَخْرَسُ. وَقِيلَ الْأَخْرَسُ وَالْأَبْكَمُ وَاحِدٌ. وَالْعَمَى: ذَهَابُ الْبَصَرِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ أَيْ إِلَى الْحَقِّ، وَجَوَابُ لَمَّا فِي قَوْلِهِ فَلَمَّا أَضَاءَتْ، قِيلَ هُوَ: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَقِيلَ: مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: طَفِئَتْ فَبَقُوا حَائِرِينَ. وَعَلَى الثَّانِي فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا أَوْ بَدَلًا مِنَ الْمُقَدَّرِ. ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا الْمَثَلَ لِلْمُنَافِقِينَ لِبَيَانِ أَنَّ مَا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْإِيمَانِ مَعَ مَا يُبْطِنُونَهُ مِنَ النِّفَاقِ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ بِهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، كَمَثَلِ الْمُسْتَوْقِدِ الَّذِي أَضَاءَتْ نَارُهُ ثُمَّ طَفِئَتْ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى الظُّلْمَةِ وَلَا تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْإِضَاءَةُ الْيَسِيرَةُ، فَكَانَ بَقَاءُ الْمُسْتَوْقِدِ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُ كَبَقَاءِ الْمُنَافِقِ فِي حَيْرَتِهِ وَتَرَدُّدِهِ. وَإِنَّمَا وُصِفَتْ هَذِهِ النَّارُ بِالْإِضَاءَةِ مَعَ كَوْنِهَا نَارَ بَاطِلٍ لِأَنَّ الْبَاطِلَ كَذَلِكَ تَسْطَعُ ذَوَائِبُ لَهَبِ نَارِهِ لَحْظَةً ثُمَّ تَخْفُتُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: «لِلْبَاطِلِ صَوْلَةٌ ثُمَّ يَضْمَحِلُّ» وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْبَلَاغَةِ أَنَّ لِضَرْبِ الْأَمْثَالِ شَأْنًا عَظِيمًا فِي إِبْرَازِ خفيات المعاني،

(١) . التوبة: ٦٩. (٢) . الزمر: ٣٣.

1 / 55