وُجُودُهُ مِنِ اسْتِحْضَارِ صِفَاتِ الْجَلَالِ أَدَلُّ عَلَى وُجُودِهِ مَعَ اسْتِحْضَارِ صِفَاتِ الْجَمَالِ لَا سِيَّمَا، وَبِذَلِكَ يَكُونُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٥٧] .
[تَرْجَمَةُ صَاحِبِ الْأَلْفِيَّةِ]
(عَبْدُ الرَّحِيمِ) بَيَانُ الرَّاجِي، فَاعِلُ (يَقُولُ)، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ، (ابْنُ الْحُسَيْنِ) ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الزَّيْنُ أَبُو الْفَضْلِ (الْأَثَرِيُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ، نِسْبَةً إِلَى (الْأَثَرِ)، وَهُوَ لُغَةً: الْبَقِيَّةُ.
وَاصْطِلَاحًا: الْأَحَادِيثُ مَرْفُوعَةً كَانَتْ أَوْ مَوْقُوفَةً، عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهُ: " شَرْحُ مَعَانِي الْآثَارِ " ; لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قَصَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمَوْقُوفِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَانْتَسَبَ كَذَلِكَ جَمَاعَةٌ، وَحَسُنَ الِانْتِسَابُ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُصَنِّفُ فِي فُنُونِهِ.
وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِـ " الْعِرَاقِيِّ " لِكَوْنِ جَدِّهِ كَانَ يَكْتُبُهَا بِخَطِّهِ، انْتِسَابًا لِعِرَاقِ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْقُطْرُ الْأَعَمُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُهُ.
كَانَ إِمَامًا، عَلَّامَةً، مُقْرِئًا، فَقِيهًا، شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، أُصُولِيًّا، مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ فِي فُنُونِ الْحَدِيثِ وَصِنَاعَتِهِ، ارْتَحَلَ فِيهِ إِلَى الْبِلَادِ النَّائِيَةِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالتَّفَرُّدِ فِيهِ أَئِمَّةُ عَصْرِهِ، وَعَوَّلُوا عَلَيْهِ فِيهِ، وَسَارَتْ تَصَانِيفُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَحَدَّثَ، وَأَمْلَى، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِينَ.
وَانْتَفَعَ بِهِ الْأَجِلَّاءُ، مَعَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ، وَالتَّحَرِّي فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا، وَسَلَامَةِ الْفِطْرَةِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ، وَالتَّقَنُّعِ بِالْيَسِيرِ، وَسُلُوكِ التَّوَاضُعِ وَالْكَرَمِ وَالْوَقَارِ، مَعَ الْأُبَّهَةِ وَالْمَحَاسِنِ الْجَمَّةِ.
وَقَدْ أَفْرَدَ ابْنُهُ تَرْجَمَتَهُ بِالتَّأْلِيفِ، فَلَا نُطِيلُ فِيهَا، وَهُوَ
1 / 17