قوله: "فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب"، أي لتحقيقهم التوحيد، وفي رواية ابن فضيل: "ويدخل الجنة من هؤلاء من أمتك سبعون ألفا". وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين: "أنهم تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر". وروى الإمام أحمد والبيهقي في حديث أبي هريرة: "فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفا". قال الحافظ: وسنده جيد١٢.
قوله: "ثم نهض" أي قام. قوله: "فخاض الناس في أولئك" خاض بالخاء والضاد المعجمتين. وفي هذا إباحة المناظرة والمباحثة في نصوص الشرع على وجه
صحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء. فخرج عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبروه، فقال: هم الذين لا يسترقون،
الاستفادة وبيان الحق، وفيه عمق علم السلف لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعمل. وفيه حرصهم على الخير. ذكره المصنف٣.
قوله: "فقال: هم الذين لا يسترقون" هكذا ثبت في الصحيحين وهو كذلك في حديث ابن مسعود في مسند أحمد. وفي رواية لمسلم:
"ولا يرقون" قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
_________
١ صحيح: أحمد (٢/٣٥٩): وقال الحافظ في الفتح (١١/٤١٠): "وسنده جيد" ا. هـ وصححه الألباني في الصحيحة (١٤٨٦) لشواهده.
٢ في قرة العيون: فيه فضيلة هذه الأمة وأنهم أكثر الأمم تابعا لنبيهم ﷺ، وقد كثروا في عهد الصحابة ﵃، وفي وقت الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، فملأوا القرى والأمصار والقفار، وكثر فيهم العلم، واجتمعت لهم الفنون في العلوم النافعة، فما زالت هذه الأمة على السنة في القرون الثلاثة المفضلة، وقد قلوا في آخر الزمان. قال شيخنا - رحمه الله تعالى - في مسائله: «وفيه فضيلة هذه الأمة بالكمية والكيفية، فالكمية الكثرة والعدد، والكيفية فضيلتهم في صفاتهم» .
٣ في قرة العيون: وفيه أيضا فضل الصحابة ﵃ في مذاكرتهم العلم وحرصهم على فهم ما حدثهم به نبيهم ﷺ حرصا على العمل به، وفيه جواز الاجتهاد فيما لم يكن فيه دليل؛ لأنهم قالوا ما قالوا باجتهادهم، ولم ينكر ﷺ ذلك عليهم، لكن المجتهد إذا لم يكن معه دليل لا يجوز له أن يجزم بصواب نفسه، بل يقول: لعل الحكم كذا وكذا كقول الصحابة ﵃ في هذا الحديث.
1 / 66