لله در الغانيات المده ... سبحن واسترجعن من تألهي١"
يعني من تعبدي وطلبي الله بعملي. ولا شك أن التأله التفعل، من أله يأله، وأن معنى "أله" إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه بفعل يفعل بغير زيادة. وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع وساق السند إلى ابن عباس: "أنه قرأ ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ "٣" قال: عبادتك. ويقول: إنه كان يعبد ولا يعبد ". وساق بسند آخر عن ابن عباس: "ويذرك وآلهتك. قال: إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد". وذكر مثله عن مجاهد، ثم قال: فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا: أن "أله" "عبد" وأن الإلهة مصدره، وساق حديثا عن أبي سعيد مرفوعا: ٢ " أن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه. فقال له المعلم: اكتب بسم الله. فقال عيسى: أتدري ما الله؟ الله إله الآلهة ".
قال العلامة ابن القيم ﵀: لهذا الاسم الشريف عشر خصائص لفظية، وساقها. ثم قال: وأما خصائصه المعنوية فقد قال أعلم الخلق صلي الله عليه وسلم:
٣ " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وكيف نحصي خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح وحمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل جلال وكل كمال، وكل عز وكل جمال، وكل خير وإحسان وجود وفضل وبر فله ومنه؟ فما ذكر هذا الاسم في قليل إلا كثره، ولا عند خوف إلا أزاله ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هم وغم إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العز، ولا فقير إلا أصاره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه. فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتجاب به الدعوات، وتقال به العثرات، وتستدفع به السيئات،
_________
١ قال في اللسان: مدهه يمدهه مدها، مثل مدحه، والجمع: المده، أي المستحقات المدح لحسنهن وجمالهن. والتأله: التنسك والتعبد. واسترجعن: قلن إنا لله وإنا إليه راجعون.
٢ موضوع: ابن جرير (١/٤٢) . وسيورده المؤلف أيضا مرفوعا بلفظ "إن عيسى ابن مريم قال: الرحمن: رحمن الآخرة والدنيا، والرحيم رحيم الآخرة" وهو عند ابن جرير أيضا والحديث موضوع. قال ابن عدي كما في الميزان (١/١٥٣): باطل وحكم ابن الجوزي بوضعه في كتابه الموضوعات (١/٢٠٣، ٢٠٤) . وأقره السيوطي في اللآلي (١/١٧٢) . وابن عراق في تنزيه الشريعة (١/٢٣١) . والشوكاني في الفوائد المجموعة (١٣٧٤) .
٣ مسلم: الصلاة (٤٨٦)، والترمذي: الدعوات (٣٤٩٣)، والنسائي: التطبيق (١١٠٠،١١٣٠)، وأبو داود: الصلاة (٨٧٩)، وابن ماجه: الدعاء (٣٨٤١)، وأحمد (٦/٥٨)، ومالك: النداء للصلاة (٤٩٧) .
1 / 11