قال المصنف ﵀: "وللترمذي; وحسنه، عن أنس: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: يا ابن آدم; إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة١ " ذكر المصنف ﵀ الجملة الأخيرة من الحديث، وقد رواه الترمذي بتمامه فقال: عن أنس قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " قال الله ﵎: يا ابن آدم; إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي; يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني " الحديث.
فيه مسائل:
الأولى: سعة فضل الله.
الثانية: كثرة ثواب التوحيد عند الله.
الثالثة: تكفيره مع ذلك للذنوب.
الرابعة: تفسير الآية التي في سورة الأنعام.
الخامسة: تأمل الخمس اللواتي في حديث عبادة.
الترمذي: اسمه محمد بن عيسى بن سورة - بفتح المهملة - ابن موسى بن الضحاك السلمي أبو عيسى، صاحب الجامع وأحد الحفاظ، كان ضرير البصر، روى عن قتيبة وهناد والبخاري وخلق. مات سنة تسع وسبعين ومائتين.
وأنس: هو ابن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم خدمه عشر سنين، وقال له: " اللهم أكثر ماله وولده، وأدخله الجنة " ٢ مات سنة اثنتين وقيل: ثلاث وتسعين، وقد جاوز المائة.
والحديث قد رواه الإمام أحمد من حديث أبي ذر بمعناه، وهذا لفظه: " ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي جعلت له مثلها مغفرة ٣" ورواه مسلم، وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: "لو أتيتني بقراب الأرض" بضم القاف: وقيل بكسرها والضم أشهر وهو
_________
١ في قرة العيون: في هذا الحديث ما يبين معنى "لا إله إلا الله" التي رجحت بجميع المخلوقات، وجميع السيئات; وأن ذلك هو ترك الشرك قليله وكثيره، وذلك يقتضي كمال التوحيد فلا يسلم من الشرك إلا من حقق توحيده، وأتى بما تقتضيه كلمة الإخلاص من العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد، وغير ذلك مما تقتضيه تلك الكلمة العظيمة كما قال تعالى: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) . الشعراء ٨٨ و٨٩.
٢ البخاري: الدعوات (٦٣٣٤)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٦٦٠) وفضائل الصحابة (٢٤٨٠،٢٤٨١)، والترمذي: المناقب (٣٨٢٧)، وأحمد (٣/١٠٨،٣/١٨٨) .
٣ صحيح: الطبراني في الكبير (١٢٣٤٦) والصغير (٢/٢٠، ٢١) وقال الهيثمي (١٠/٢١٦): "رواه الطبراني في الثلاثة وفيه إبراهيم بن إسحاق الصيني وقيس بن الربيع وكلاهما مختلف في توثيقه وبقية رجاله رجال الصحيح) اهـ. والحديث صحيح لغيره وذلك لشواهده الكثيرة وراجع تخريج رقم [٣٧] .
1 / 53