تعالى واستنطقها بقوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ ١ بعثه الله إلى مريم فدخل فيها". رواه عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم. قال الحافظ: ووصفه بأنه منه، فالمعنى أنه كائن منه، كما في قوله تعالى: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ ٢ فالمعنى أنه كائن منه؛ كما أن معنى الآية الأخرى أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه، أي أنه مكون ذلك وموجده بقدرته وحكمته.
قال شيخ الإسلام: المضاف إلى الله تعالى إذا كان معنى لا يقوم بنفسه ولا
والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.. "٣ أخرجاه.
بغيره من المخلوقات وجب أن يكون صفة لله تعالى قائمة به، وامتنع أن تكون إضافته إضافة مخلوق مربوب. وإذا كان المضاف عينا قائمة بنفسها كعيسى وجبريل ﵉ وأرواح بني آدم امتنع أن تكون صفة لله تعالى; لأن ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره.
لكن الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين:
أحدهما: أن تضاف إليه لكونه خلقها وأبدعها; فهذا شامل لجميع المخلوقات، كقولهم: سماء الله، وأرض الله. فجميع المخلوقين عبيد الله، وجميع المال مال الله.
الوجه الثاني: أن يضاف إليه لما خصه به من معنى يحبه ويأمر به ويرضاه; كما خص البيت العتيق لعبادة فيه لا تكون في غيره. وكما يقال في مال الخمس والفيء: هو مال الله ورسوله. ومن هذا الوجه: فعباد الله هم الذين عبدوه وأطاعوا أمره. فهذه إضافة تتضمن ألوهيته وشرعه دينه، وتلك إضافة تتضمن ربوبيته وخلقه. اهـ ملخصا.
قوله: " والجنة حق والنار حق " أي وشهد أن الجنة التي أخبر بها الله تعالى في كتابه أنه أعدها للمتقين حق، أي ثابتة لا شك فيها، وشهد أن النار التي أخبر بها تعالى في كتابه أنه أعدها للكافرين حق كذلك ثابتة، كما قال تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ٤. وقال تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ٥. وقال تعالى ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
_________
١ سورة الأعراف آية: ١٧٢.
٢ سورة الجاثية آية: ١٣.
٣ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٣٥)، ومسلم: الإيمان (٢٨)، والترمذي: الإيمان (٢٦٣٨)، وأحمد (٥/٣١٣،٥/٣١٨) . ٤ سورة الحديد آية: ٢١.
٥ سورة البقرة آية: ٢٤.
1 / 43