قوله: "ولا يشركوا به شيئا" أي يوحدوه بالعبادة، فلا بد من التجرد من الشرك في العبادة، من لم يتجرد من الشرك لم يكن آتيا بعبادة الله وحده، بل هو مشرك قد جعل لله ندا. وهذا معنى قول المصنف ﵀:
"وفيه أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه، وفي بعض الآثار الإلهية: " إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إلي بالمعاصي ".
قوله: " وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا " قال الحافظ: " اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة
باللزوم؛ إذ من كذب رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مشرك، وهو مثل قول القائل: ومن توضأ صحت صلاته، أي مع سائر الشروط". اهـ.
قوله: "أفلا أبشر الناس" فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره، وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار بمثل هذا. قاله المصنف ﵀.
قوله: "لا تبشرهم فيتكلوا" أي يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال. وفي رواية: "فأخبر بها معاذ عند موته تأثما" أي تحرجا من الإثم. قال الوزير أبو المظفر: "لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة، فأما الأكياس الذين إذا سمعوا بمثل هذا زادوا في الطاعة، ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة، فلا وجه لكتمانها عنهم".
1 / 28