فالجواب عن هذا إن علم القلب، وإن كان أجل من البصر، فإن العلم لا يحصل إلا بعد النظر بالعين في الغالب. وإذا ظن الروم أنهم يقاومون سيف الدولة، ثم علموا عظم شأنه، وشدة بأسه، وقصورهم عنه، حصل لهم علم أنهم لا يقاومنه بعد العيان والتجربة. وإذا رأوه بالعين دون القلب رأوا عسكرًا مثل عسكرهم لم يكن هذا تناقضًا. وكان كل معنى مستقلا بنفسه، منفردًا عن صاحبه فملائمًا له في طريقته.
وقوله:
وظبي تعرف الحرام من الحل ... فقد أفنت الدماء حلالا
قال الشيخ أبو الفتح: هذا مثل ضربه. أي سيوفه معودة للضرب، فكأنها تعرف بالدربة الحرام من الحلال. قلنا: مال الحاجة إلى هذه الدعوة فلا يكاد يحصل منها حقيقة. وإنما يعني أن سيف الدولة غاز للروم فلا تقتل إلا كافرًا فكأنه سيوفه تعرف الحرام من الحلال. وأيضًا هو من قبل الخليفة، مفترض الطاعة، فكلما قتل عاصيًا كان مستحقًا للقتل فكأنها عارفة بالحرام والحلال. والدعوة التي ادعاها الشيخ أبو الفتح قد يدعى مثلها الشاعر للممدوح. ولكن هذا إذا لم توجد حقيقة. فأما إذا وجدت الحقيقة فهو غان عن دعوى الباطل.
وقوله:
أفسدت بيننا الأماني عيناها ... وخانت قلوبهنَّ العقول
الهاء، والنون ضمير قبل الذكر. والتاء في خانت للعقول.