قال ابن عباس: إني لأمر بالآية من القرآن فأفهمها فأود أن الناس كلهم فهموا منها ما أفهم. وقال الشافعي: وددت أن الناس كلهم تعلموا هذا العلم ولم ينسب إلي منه شيء. فأما حب التفرد عن الناس بفعل ديني أو دنيوي: فهو مذموم، قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا﴾ (القصص: ٨٣)، وقد قال علي وغيره: هو أن لا يحب أن يكون نعله خيرا من نعل غيره ولا ثوبه خيرا من ثوبه (١) وفي الحديث المشهور في " السنن ": " من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار (٢) . وأما الحديث الذي فيه أن رجلا سأل النبي ﷺ فقال: إني أحب الجمال، وما أحب أن يفوقني أحد بشراك أو بشسع نعلي، فقال له النبي ﷺ " ليس ذلك من الكبر" (٣)،
فإنما فيه أنه أحب أن لا يعلو عليه أحد، وليس فيه محبة أن يعلو هو على الناس، بل يصدق هذا أن يكون مساويا لأعلاهم فما حصل بذلك محبة العلو عليه والانفراد عنهم، فإن حصل لأحد فضيلة خصصه الله بها عن غيره فأخبر بها على وجه
_________
(١) راجع ابن جرير في " تفسير هـ " (٢٠ /٧٩) .
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٦٤) عن أبي هريرة، والنسائي في " الكبرى " (٣/٤٥٧)، والترمذي أ. هـ " الضعفاء " (٣/ ٤٦٧)، وراجع " جامع بيان العلم وفضله " (١/٦٦٩) .
(٣) مسلم (٩١) ..
1 / 46