إحسان وفضل وهو بذل النداء واحتمال الأذى.
وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام، لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته، فمن أتى بفرائض الإسلام ثم ارتقى إلى درجة الإحسان إلى الناس كان خيرا ممن لم يرتق إلى هذه الدرجة وأفضل - أيضا -، وليس المراد أن من اقتصر على هذه الدرجة فهو خير من غيره مطلقا ولا أن إطعام الطعام ولين الكلام خير من أركان الإسلام ومبانيه الخمس، فإن إطعام الطعام والسلام لا يكونان من الإسلام إلا بالنسبة إلى من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
وقد زعم الحكيمي (١) وغيره أنه قال: خير الأشياء كذا، والمراد تفضيله من وجه دون وجه وفي وقت دون وقت أو لشخص دون شخص، ولا يراد تفضيله على الأشياء كلها، أو أن يكون المراد: إنه من خير الأشياء، لا خير مطلقا. وهذا فيه نظر، وهو مخالف للظاهر، ولو كان هذا حقا لما احتيج إلى تأويل قول النبي ﷺ لمن قال له: يا خير البرية، فقال: " ذاك إبراهيم " (٢) . وقد تأوله الأئمة، فقال الإمام أحمد: هو على وجه التواضع.
_________
(١) كذا في " ف "، ولعل صوابها " الحليمى " صاحب كتاب " المنهاج في شعب الإيمان " وقد مرت ترجمته (ص ٣٣) . تحت حديث (٩) .
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١١/٥١٨)، وعنه مسلم (٢٣٦٩) وغيره، وانظر " أطراف الغرائب " (٩٦٩) بتحقيقنا.
1 / 43