ফাতেহ আন্দালুস

জুর্জি জায়দান d. 1331 AH
64

ফাতেহ আন্দালুস

فتح الأندلس

জনগুলি

قال: «علمت أن فرقة خرجت من طليطلة بالأمس، ولا أدري إذا كان الأمير معها أم لا.»

فرجح أوباس أن ألفونس سافر مع تلك الفرقة، ولكنه ظل مشغول الخاطر بفلورندا لا يدري ما آل إليه أمرها، وخشي أن تكون وقعت في الأسر في جملة أهل منزله، وأنهم إنما قبضوا عليهم من أجلها، وود لو استطاع استطلاع أمرها من أحد، وحدثته نفسه أن يسأل الضابط، ولكنه خشي عاقبة ذلك، ولم يخدعه ما بدا من رقة الضابط وحسن ظنه، لعلمه أن الذين يطابق ظاهرهم باطنهم قليلون، وأقل منهم الذين يثبتون على عزمهم فيما يدعوهم إليه ضميرهم؛ فخشي أوباس إذا كاشف الضابط بحديث فلورندا أو تظاهر أمامه بالاهتمام بها أن يبوح بذلك لدى أحد فيتخذوه حجة عليه مع اعتقاده أن الضابط مخلص له، ولكنه عول على سوء الظن واعتبار الناس كلهم جواسيس عليه.

قضى أوباس في سجنه بضعة أيام وهو ينتظر اجتماع المجمع، وفي ذلك الحين لم يوفق إلى سبيل للاستفهام عن فلورندا، ولا اتفق له سماع شيء عنها، فترجح لديه أنهم قبضوا عليها وعادوا بها إلى قصر الملك، فلما تصور ذلك اقشعر بدنه ونسي الخطر الذي يهدد حياته.

الموكب

أصبح أهل طليطلة ذات يوم وقد دقت فيها النواقيس وزينت الشوارع، وبخاصة الشارع الكبير الذي يصل بين قصر الملك والكنيسة الكبرى. واشتغل العبيد بكنس الشوارع وتنظيفها، ووقف الحرس صفين في القصر والكنيسة، وفي أيديهم الحراب وعليهم الملابس الرسمية التي يلبسونها في الاحتفالات الكبرى؛ فتساءل الناس عن سبب ذلك وتقاطروا إلى الشارع الكبير وأطلوا من النوافذ وأشرفوا من أسطح المنازل يتوقعون مشهدا جميلا أو منظرا ذا بال، وكان يومها صحوا تجلت فيه الشمس على أبنية طليطلة ونهرها وبساتينها.

وفي الضحى عج الشارع بالضوضاء، فالتفت الناس فإذا هناك فرقة من فرسان الحرس الملكي بملابس الجندية خرجوا من قصر رودريك، يأمرون المارة بإخلاء السبيل لموكب الملك، وعلى بضعة عشر مترا وراءهم زمرة من الشمامسة بالملابس الزاهية يتخللها الوشي المذهب، بعضهم يحملون صلبانا قائمة على عمد، والبعض يحملون الشموع، وقلما يظهر نورها لطلوع الشمس، على أن أكثرها قد انطفأ لهبوب الرياح؛ لأن طقس الشتاء في طليطلة - وإن كان صافيا - فإنه لا يخلو من الريح لوقوعها على جبل، وبعضهم كان يحمل أغصانا من الزيتون، وآخرون في أيديهم المباخر يتصاعد منها البخور وهم يترنمون بأناشيد لاتينية. وبعد حملة الشموع فرس عليه رودريك بتاجه وحوله الأساقفة بملابسهم الرسمية ووراءهم المطارنة والشمامسة وغيرهم من رجال الأكليروس، ووراء ذلك كله كوكبة من الفرسان. فلما رأى أهل طليطلة ذلك الموكب علموا أن الأساقفة قادمون للاجتماع، ولكنهم استغربوا اجتماعهم في ذلك الحين، وما هو بوقت الاجتماع؛ لأنهم كانوا يجتمعون اجتماعهم السنوي في وقت معين من العام، فاشتغلت الخواطر واضطرب الناس؛ لأن المجمع لا يجتمع في غير ميعاده إلا لأمر غاية في الأهمية.

وكانت المجامع الدينية في إسبانيا ثلاث درجات: (1) المجامع الكبرى. (2) المجامع الإقليمية. (3) المجامع الأبرشية. فالأولى تجتمع بأمر الملك في طليطلة للنظر في الأمور الهامة المتعلقة بالمملكة، كانتخاب الملك أو المصادقة على قانون أو نحو ذلك، مثل اجتماعه في ذلك اليوم للنظر في التهمة الموجهة إلى أوباس. والمجامع الإقليمية تجتمع في الأقاليم بأمر الأساقفة مرة أو مرتين في السنة، والمجامع الأبرشية يحضرها رؤساء الأديرة والقسس والشمامسة ونحوهم. فلما رأى أهل طليطلة الاهتمام بجمع هذا المجمع، خافوا أن يكون هناك ما يتعلق بحرب أو عزل أو تولية.

أما الموكب فظل سائرا حتى وصل إلى الكنيسة فتنحى الفرسان إلى الجانبين، ثم انقسم الشمامسة بشموعهم وصلبانهم ومباخرهم إلى قسمين، دخل كل قسم من باب جانبي، وترجل الملك والأساقفة والمطارنة ودخلوا من الباب الأوسط.

وكان خدمة الكنيسة قد نهضوا منذ طلوع الشمس واشتغلوا بالتنظيف، ووضعوا المقاعد والكراسي بالترتيب اللازم في هذا الاجتماع، وأناروا الشموع وفتحوا الأبواب، ووقفوا ينتظرون الموكب ويمنعون كل من أراد الدخول من العامة أو سواهم ممن لا يخول لهم حضور المجامع. والذين يجوز لهم حضورها هم: (1) أساقفة طليطلة والأقاليم المشتركة معها. (2) المطارنة الميتروبوليت. (3) رؤساء الأديرة. (4) الشمامسة والخوارنة. (5) بعض رجال البلاط الملكي. (6) الملك.

فلما دخل الموكب إلى الكنيسة اتخذ كل منهم مجلسه. وكانت المقاعد قد رتبت صفوفا متعاقبة، جلس الأساقفة على الصفوف الأولى منها بترتيب الأعمار، ووراءهم الأساقفة الصغار، وهؤلاء جلسوا بحسب الأعمار أيضا، وجلس وراءهم القسس، والشمامسة وقوف بين أيديهم، وفي وسط القاعة أمام تلك المقاعد كرسي خاص بكاتب سر المجمع، وهناك عرش مزخرف أعدوه للملك، وإلى جواره عدة مقاعد لمن يشهد الاجتماع من خاصة الملك. أما الأب مرتين فكان ينبغي أن يجلس - بوصفه قسيسا - بين القسس، وربما كان في مقدمتهم جميعا لكبر سنه، ولكنه فضل الجلوس بجانب الملك لسبب لا يخفى على القارئ.

অজানা পৃষ্ঠা