ফাতহ আল্লাহ হামিদ মাজিদ ফি শরাহ কিতাব আত-তাওহীদ
فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد
জনগুলি
[الشعراء: 71] . {قال هل يسمعونكم إذ تدعون} . [الشعراء: 72] . أي إذا دعوتموهم {أو ينفعونكم} . إذا استعنتم بها {أو يضرون} . [الشعراء: 73] إن تركتم عبادتها {قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} . [الشعراء: 74] . أي إنهم لا يسمعون دعائنا ولا ينفعون ولا يضرون غير أنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ففعلنا فعلهم {قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} . [الشعراء: 75-77] . فهذا الاستثناء يدل على أنهم يعبدون الله ويعبدون غيره فتبرأ إبراهيم من عبادة غير الله ومعابيدهم الباطلة واستثنى المعبود الحق رب العالمين الذي خلقني من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم صورني فأحسن صورتي فأخرجني إلى الفضاء وهو يهديني لما يصلحني وهو يطعمني بأرزاقه التي خلقها لنا من كل شيء ويسقيني وإذا مرضت فهو يشفيني لا شفاء إلا شفائه والذي يميتني ثم يحييني والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين فهذا معبدوي الذي أعبده وحده وأتعلق بع وأتوكل عليه وأستعين به في أمور ديني ودنياي، بيده أزمة الأمور كلها له الآخرة والأولى، ثم قاوم ملكهم نمرود بن كنعان ومن تبعه بالمنصاحة والمجادلة الحسنة وتوضيحه لهم الأمر الجلي الواضح الذي يدل على فساد عقولهم وضلالهم وذلك كسره الأوثان، قال تعالى حكاية عنه أنه قال لهم: {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} . [الأنبياء: 57] . فقد كان لهم في كل سنة مجمع وعيد كانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها ثم عادوا إلى منازلهم فلما كان ذلك العيد قال أبو إبراهيم له: يا إبراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا فخرج معهم إبراهيم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال: إني سقيم أشتكي رجلي فلما مضوا رجع إلى بيت الآلهة وهن في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم # عظيم إلى جنبه أصغر منه وإلى جنب الأصغر أصغر منه وهكذا على التوالي وإذ هم قد جعلوا طعاما فوضعوه بين أيدي الآلهة وقالوا: إذا رجعنا قد باركت الآلهة في طعامنا فأكلنا فقال لهم إبراهيم على طريق الاستهزاء ألا تأكلون فلما لم تجبه قال: ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فجعل يكسرهن بفأس حتى إذا لم يبق إلا الأكبر علق الفأس في عنقه ثم خرج وذلك قوله تعالى: {فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون} . [الأنبياء: 58] . قيل: معناه لعلهم يرجعون إلى دينه إذا علموا ضعف الآلهة، وقيل: لعلهم يرجعون فيسألونه فأتوا فرأوا و {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} . [الأنبياء: 59-61] . كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، وقيل: لعلهم يحضرون عقابه وما يصنع به {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم} . ما نراه إلا كما قال: {إنكم أنتم الظالمون} . [الأنبياء: 62-64] . يعني بعبادتكم من لا يتكلم وقيل أنتم الظالمون في سؤالكم إياه وهذه الآلهة فاسألوها {ثم نكسوا على رؤوسهم} . قال أهل التفسير: أجرى الله الحق على لسانهم أولا ثم أدركتهم الشقاوة وقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} . [الأنبياء: 65] . لأنهم صور الصالحين فكيف نسألهم فلما اتجهت الحجة لإبراهيم {قال} . لهم {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} . [الأنبياء: 66، 67] . فلما علم أنهم أعداء الله ولا تنفع فيهم المناصحة والمجادلة بالتي هي أحسن أيس منهم ونابذهم في الله أشد المنابذة وكافحهم بالإنكار أشد المكافحة وعاداهم في الله أشد المعاداة، قال الله تعالى: {قد كانت # لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} . [الممتحنة: 4] . وقال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون} . [الزخرف: 26-28] . يعني لا إله إلا الله، لأن معنى الآيتين نفي العبادة عما سوى الله تعالى وإثباتها لله وحده لا شريك له، وأيضا معناها الولاء لمن عبد الله وحده لا شريك له والبراء ممن أشرك مع الله غيره فكان عليه السلام مجتهدا في تعليمه الناس الخير والحق والتوحيد.
قانتا لله أي مطيعا له كقوله تعالى: {كل له قانتون} . [الروم: 26] . أي مطيعون مذعنون، قال النووي عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن السعدين1 أنه سأل ابن مسعود عن الأمة القانت فقال: الأمة معلم الخير والقانت المطيع لله.
حنيفا أي مائلا من الباطل إلى الحق ومن الشرك إلى التوحيد ومن الكفر إلى الإيمان ومن النفاق إلى الإخلاص ومن المعاصي إلى الطاعات، قال تعالى: {وإبراهيم الذي وفى} . [النجم: 37] .
পৃষ্ঠা ১৫৫