Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
জনগুলি
رابعًا: روايتُه الحديث عن النبي ﷺ -:
لم يكن معاوية ﵁ من المكثرين في رواية الحديث، فعن أبي إدريس الخولاني قال: «سمعت معاوية على المنبر يخطب يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول، وكان قليل الحديث عنه» (^١).
وربما يرجع ذلك لتأخُّر إسلامه، ولِقِصَرِ الفترة التي صاحب فيها النبيَّ ﷺ، فقد ظهر إسلامه في عام الفتح -كما تقدَّم-.
وربما رجع ذلك أيضًا لاحتياطه في الرواية عنه ﵊، فقد كان بعض الصحابة يتهيَّبون الحديث عن رسول الله ﷺ، خاصة من بلغه حديثُ إثم الكاذب عليه ﷺ.
فعن عبد الله بن الزبير، قال: «قلتُ للزبير: إني لا أسمعك تحدِّثُ عن رسول الله ﷺ كما يحدِّث فلانٌ وفلان؟ قال: أمَا إني لم أفارقه، ولكن سمعتُه يقول: من كذَبَ عليَّ فليتبوأ مقعده من النار» (^٢).
قال أبو الحسن القابسيُّ -مُعلِّقا على هذا الحديث-: «فمن أجل هذا هَابَ بعض من سمع الحديث أن يُحدِّث الناس بما سمع، وهو بيِّنٌ في اعتذار الزبير» (^٣).
فلا مانع أن يكون معاوية من هؤلاء الذين كانوا يحتاطون لأنفسهم، خاصَّةً وقد ثبت عنه أنه كان يحذِّر من التهاون في أحاديث النبي ﷺ.
فعن عبد الله بن عامر اليحصبي، قال: سمعت معاوية يقول: «إياكم وأحاديث رسول الله ﷺ؛ إلا حديثًا كان في عهد عمر، فإنَّ عمر كان يُخيف الناسَ في الله ﷿» (^٤).
_________
(^١) في سنده ضعف: أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (السفر الثاني- ٢/ ٦٢٩)، وفي سنده أبو عون الأعور، الراوي عن أبي إدريس، قال عنه الحافظ في التقريب (٨٢٨٧): "مقبول".
(^٢) صحيح البخاري (١٠٧).
(^٣) الملخص لمسند الموطأ (ص: ٣١).
(^٤) أخرجه مسلم (١٠٣٧)، وفي صحيح ابن حبان (٣٤٠١) زيادة؛ وهي: أن معاوية قال ذلك على منبر دمشق.
1 / 43