Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
জনগুলি
هكذا شأن المحققين من أهل العلم: استدلال بأدلة صحيحة، تَرْكُ الأدلة الباطلة والضعيفة، الجواب عن الشبهات التي تطرأ على الأدلة الصحيحة، تزييف الأدلة الضعيفة حتى لا ينخدع بها جاهل، أو طالب علم.
وقد حاولتُ -قدر الاستطاعة- أن أسير على هذا النهج طوال العمل في هذا البحث، فأوردتُ عن معاوية ﵁ ما صحَّ في فضائله، ورددتُ ما أعلَّ به المبغضون له هذه الفضائل، وحان الآن وقت تزييف الباطل الذي يُطعن به فيه، وإعادة الأدلة السويَّة -إن وُجدت- إلى مسارها الصحيح، بعد أن لُويت أعناقها، وحُوِّلت وجهتها، ولولا أن هذه الشبهات قِيلت وانتشرت، وإلى أماكن مختلفة طارت، وعلى البعض دخلت وراجت؛ لأعرضت عن ذكرها، رغبة في إماتتها، وإخمال ذكر قائلها، لكن: «كيف وقد قيل؟!».
فأقول -مُستعينا بالله، راكنا إليه-:
ما طُعن به في معاوية ﵁ لا يخرج عن أحد دليلين:
١ - إما دليل ضعيف، لا يقوى على مناهضة الأدلة الصحيحة التي تخالفه، ولو كان ضعيفا فقط لرُدّ؛ فكيف وهو مع ضعفه مخالف للصحيح؟! لا ريب أن هذا هو (المنكر) بعينه.
٢ - وإما دليل صحيح، لكنه فُهم خطأ، حيث عُزل عن سائر الأدلة التي ترافقه، وأراد مورده أن يبني به صرحًا من الأباطيل، وهو لا يُسعفه في ذلك، فهنا لا نرد الدليل، وإنما نرد الفهم الخاطئ ونصوِّب التأويل.
قال القاضي عياض: «مذهب أفاضل العلماء: أن ما وقع من الأحاديث القادحة فى حديث عدالة بعض الصحابة، والمضيفة إليهم ما لا يليق بهم، فإنها ترد ولا تقبل إذا كان رواتها غير ثقات، فإن أحب بعض العلماء تأويلها قطعًا للشغب نزل وراح، وإن رواها الثقات تُأوِّلت على الوجه اللائق بهم إذا أمكن التأويل، ولا يقع فى روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله» (^١).
(^١) إكمال المعلم (٧/ ٤١٥)، وبمثله قال النووي في شرح صحيح مسلم (١٥/ ١٧٥).
1 / 257