7- { رب أرني أنظر إليك }(الأعراف:143)
السؤال:
معنى قوله تعالى حاكيا عن سيدنا موسى عليه السلام حين قال: { رب أرني أنظر إليك }( الأعراف:143 ) كيف قال هكذا، وقد علم بأن الله تعالى لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة؟
وإن كان لأجل قومه لكي تطمئن قلوبهم بذلك، فكيف يسخط خالقا ويرضى مخلوقا؟ وهذا أمر من ربه أم لا؟
وهل يجوز لنا أن نقول: إنه اجتراء على الله، وإن كان هذا قد سبق في علم الباري ولا بد من كونه؟ تفضل بالجواب.
----------------------------------------------
الجواب:
سأل موسى _عليه السلام_ وهو لم يره حقيقة وإنما أراد أن يقنع قومه حين قالوا له: ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )( البقرة:55)، فأجابهم بما أجابهم به من المنع، فلم يرتدعوا عنه للجاجهم في طلبها.
وموسى عليه السلام يعلم استحالتها، فقوله تعالى حكاية عنهم {لن نؤمن لك} يدل على أن بينهم مع موسى مخاطبات في منع الرؤية، وأنه أخبرهم بمنعها، وإلا لما كان الجواب بلن نؤمن لك إلى آخر الآية، بل كان سؤالهم: أن يقولوا أرنا الله جهرة، أو نريد أن نرى الله جهرة، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
وإذا عرفت أن موسى عليه السلام لم يرد حقيقة الرؤية وإنما أراد الجواب باستحالتها من عند الله عرفت أنه ليس في ذلك تجاسر من موسى _عليه السلام_ على طلب محال، فليس فيه سخط الخالق لرضا المخلوق، لأن السخط أن لو طلب حقيقة الرؤية وهو لم يردها، ولو أراد ذلك لأخذته الصاعقة كما أخذت قومه الطالبين لها، ولعنف كما عنفوا.
كيف يطلب حقيقتها وهو يصفهم بالسفه في طلبها، كما ذكر ذلك تعالى في قوله: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}(الأعراف:155) لكن لما كان سؤاله لذلك بغير إذن من ربه رجع إلى ربه بالتوبة، وذكر حال إيمانه وأنه ليس قصده قصد القوم، وذلك قوله { سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين }(الأعراف:143)، وقوله (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} .
وإنما حمله على السؤال قبل ذلك حرصه على إيمان قومه، لا لأجل أن يرضوا عنه، وذلك من رضا ربه لا من رضا قومه، كما يدل عليه قوله في قضية أخرى: {وعجلت إليك رب لترضى}(طه:84).
ولا يصح أن يوصف أحد من الأنبياء بالتجرؤ على الله فإن ذلك محال، فمن وصفهم بذلك فقد كفروا. والله أعلم.
পৃষ্ঠা ১১