قال: «كان راكبا من بصرى إلى عمان فأين ظفرتم بهذا الفرس.»
قال: «ظفرنا به تائها بالقرب من الزرقاء.»
فخاف عبد الله أن يكون لضياع هذا الفرس سبب يوجب قلقا فأعاد السؤال ثانية عن كيفية عثورهم عليه.
فقال أبو سفيان: «كنا قادمين من الحجاز إلى الشام منذ بضعة أسابيع وفيما نحن بالقرب من الزرقاء نحاذر أن نقترب من مسبعتها إذ شاهدنا هذا الفرس تائها في الصحراء فأرسلت بعض رجالي في أثره وبعد العناء والمشقة قبض عليه فجاء به إلي فسقناه معنا إلى غزة ثم جئنا به إلى هنا كما ترى.»
فبهت عبد الله ولبث صامتا لا يتكلم وقد غلبت الهواجس عليه مخافة أن يكون حماد قد ذهب فريسة السباع وفر جواده منه وهو يعلم أن الفرس أصيل لا يترك صاحبه إلا إذا مات أو أسر أو غاب عنه فترقرقت الدموع في عينيه رغما عنه ولكنه تجلد وقال: «أراني كثير القلق على ولدي ولا يهدأ لي بال حتى أتفقد المكان الذي وجدتم الفرس فيه.»
فقال أبو سفيان: «هو قريب من طريقنا إلى عمان فإذا شئت عرجنا إليه وبحثنا معك عما تريد فإن أمر ولدك يهمنا كما يهمك.»
ثم ركبوا أما عبد الله فلم يشأ أن يركب فرس ابنه بعد ما رأيه من أمره فأركبوه غيره وساروا وهو لا ينبس ببنت شفة لاشتغاله بالهواجس فقضوا يومين سائرين وعبد الله لا يأكل ولا ينام إلا قليلا حتى صاروا على مقربة من الزرقاء فقال أبو سفيان: «ها أننا بقرب المسبعة فلنترك القافلة وجمالها وأحمالها ولنصطحب بعض الفرسان إلى ذلك السهل حيث عثرنا على الفرس يركض فيه.»
فعرجوا وهم عشرة رجال وفيهم أبو سفيان وعبد الله وساروا يحاذرون أن يلقاهم أسد أو وحش آخر على أنهم لم يكونوا يخافون ذلك والوقت نهار وهم كثاره فلم يسيروا إلا قليلا حتى وقف أبو سفيان وقال: «هذا هو المكان الذي عثرنا فيه على الفرس فقد رأيته يركض في هذا السهل.»
فقال عبد الله: «وأين هي المسبعة.»
قال: «هي إلى يميننا فإذا رأيت أن نعرج نحوها فعلنا.»
অজানা পৃষ্ঠা