234

ফাতাত ঘাসান

فتاة غسان

জনগুলি

فدفعت إليه منديلا كان في يدها وتحولت راجعة.

فقلب المنديل بين يديه فإذا هو رسالة قد كتبت فيها: «لا يضعفك عزمك ما رأيته البارحة من والدي واصبر إن الله مع الصابرين». فعلم أنها رسالة من هند فأبرقت أسرته وانفرجت كربته وطوى المنديل وخبأه ولكنه ود لو يعلم أين هي فيسير إليها يقيم بقربها يتنسم أخبارها فتذكر أن والدها سائر إلى حمص لمقابلة هرقل فقال في نفسه (لا أظنه يحمل أهله معه إلى هناك فربما خلفهم في البلقاء). وكان يفكر في ذلك وهو يتظاهر بالاستعداد للمسير فجاء عبد الله فركبا وسارا إلى بصرى وأقاما في منزل بقرب السور عال مشرف فتذكر عبد الله يوم ثعلبة وموقفه أمام رومانوس (روماس) حاكم بصرى وما كان من أمر الخاتم ولكن ثعلبة ضعف أمره وخرج من بصرى فأقام في بعض القبائل الغسانية. ورومانوس ما زال حاكما هناك. وكان حماد قلقا على هند لا يهدأ له بال ومما زاد الحالة ثقلا عليه لومه نفسه لإباحته بنسبه وقد عرف قيمة نصائح عبد الله وتحقق أن الاختبار والمعاشرة تكسب المرء علما وحكما لا يدركهما بمجرد الذكاء الطبيعي ومال بكليته إلى استشارة عبد الله في ذهابه إلى البلقاء وشعر بحاجته إلى سلمان لأنه كان له به غنى عن تجشم تلك المشاق بنفسه ثم أجفل بغتة وخاف إذا استشار عبد الله أن يشير عليه بترك هند وهو لا يستطيع ذلك ولا تسهل عليه مقاومته بعد أن اختبر صدق نصائحه فكست وسلم الأمر لله.

أما عبد الله فكان يتجاهل عن كل ما يظهر على حماد من القلق ويدعوه حينا بعد آخر إلى الخروج للصيد كما كانا يفعلان أول مجيئهما تلك الديار وكان حماد يسير معه لعله يوغل في البرية فيقف على قادم أو غاد فيطلع منه على خبر هند أو والدها ولم يكن عبد الله يفاتحه في خبرها إلا عرضا في أثناء كلامه عن قوات الروم ونحو ذلك فإذا آنس من الحديث اقترابا من الموضوع تباعد عنه وهو يتوقع أن يفتر ميل حماد من تلقاء نفسه وكان حماد أكثر رغبة عن الخوض في ذلك الموضوع لئلا يسمع نهيا أو نصحا يبعده عن هند.

فقضيا أشهرا على تلك الحال وهم لا يسمعون إلا باستعداد الروم لدفع المسلمين وإن جند المسلمين وصلوا ضواحي الشام وأقام بعضهم في اليرموك وكان حماد كلما سمع خبرا من هذا القبيل ازداد قلقا حتى لم يعد يصبر على البقاء في بصرى ومال إلى الخروج منها إلى البلقاء لعله يعرف شيئا عن هند وعبد الله يشاغله تارة بالصيد وطورا بزيارة رومانوس صاحب بصرى وكان رومانوس قد عرف منزلة عبد الله على أثر ما كان بينهما من أمر تسيير عبد الله إلى هرقل وما لاقاه من العفو هناك. فكان يجتمع برومانوس وحماد معه ويخرج أحيانا إلى الراهب فيزوره ويدعوه إلى زيارته. أما الناسك فسارا إليه مرة فلم يجداه.

الفصل الرابع والسبعون

حصون بصرى

ففيما هما ذات يوم في ضواحي بصرى يطلبون الصيد قال حماد: «أرى الصيد قليلا في هذه النواحي لوعرتها وقلة المرعى فيها إلا ترى أن نسير إلى البلقاء لعلنا نعثر على صيد كثير».

قال عبد الله: «إن الصيد يكثر أحيانا ويقل أحيانا أما إذا شئت الذهاب إلى البلقاء فالأمر إليك».

قال: «أرى في الانتقال خيرا».

وفيما هما يتحادثان رأيا سربا من الغزلان قادما من عرض البر لم يريا مثله قبلا فبغتا فقال حماد: «ما هذه الغزلان إني أراها تطلبنا وذلك لم يتفق لي منذ طلبت الصيد».

অজানা পৃষ্ঠা