241

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

জনগুলি

من أجل ذلك كله فاق هذا الكتاب المبارك كل ما تقدمه من الكتب السماوية، وكانت منزلته فوق منزلتها، قال تعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: ٤].
وعلى هذا فلا يُتَصوَّر طلب العلم على جادةِ الاستقامة إلا بعد حفظ كتاب الله تعالى كاملًا ومن فرَّط فيه فرَّط في غيره ولا شك، وليس معنى ذلك أنه يشترط في طلب العلم حفظ كتاب الله تعالى كاملًا غير أنه لا يستقيم علمه ولا يكون له وزنًا في العلم إلا إذا حفظ كتاب الله تعال كاملًا وذلك لأن كل كتب العلم تخدم كتاب الله تعالى، ولذا كان النبي ﷺ يحث أمته دائمًا على حفظ كتاب الله تعالى وأن يُقبلوا عليه إقبالَ الظامئِ على المورد العذب.
فضائل تلاوة القرآن الكريم:
أثنى الله ﷿ على التالين لكتاب الله فقال تعالى: (إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: ٢٩ - ٣٠].
والسنة الصحيحة طافحةٌ بما يحث على فضل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه وهاك بعضٌ منها:
(حديث أبي أمامة في صحيح مسلم) أن النبي ﷺ قال: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة.
اقرءوا الزهراوين: أي النيرتين
[*] قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم:
"وسميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما"
"كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان": قال أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان من فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما. نقله النووي. وفي القاموس: الغمامة: السحابة أو البيضاء من السحب. والغياية كل ما أظل الإنسان من فوق رأسه كالسحاب ونحوه. والمراد أن ثوابهما يأتي بهذا المنظر.

1 / 240