5 - وهذا أعجب ما قيل في العزاء، إن الحزين الذي يتسلى عن مصائبه بمصائب غيره لمأفون
6
الرأي سقيم العاطفة. والنفس التي تهدأ للكوارث تحل بسواها، وتستريح في نكبتها لأصوات النادبات وعويل الباكيات ثم تنسى النار التي تلتهم دارها؛ لأن لهيبها اندلع في كل دار، لنفس شريرة حقود ... - ليس الأمر كما تظنين يا سيدتي، وإنما هي طبيعة بني الإنسان تعبر عنها الشاعرة، فالحزين يتأسى بالحزين، والغريب يسعده الغريب، وقد طبعت النفس على أن تستهين بمصابها عند نزول المصائب العظام والفوادح الجسام، وقد يقيس المرء مصيبته بمصيبة غيرها فيحمد الله على السراء والضراء. - هذا كلام بعيد عن الإقناع يا ليلى؛ لأنني أبكي زوجا كان قليل الأنداد
7
في الأحياء، فأصبح قليل الأنداد في الأموات، فليس إلى التعزي فيه من سبيل. فعلى أبي العلاء فليجزع الصبر، وعلى سعيد فلتبك البواكي. ثم أطرقت إطراقة طويلة، وأخذت تهز رأسها في وجوم.
كانت سخينة في نحو الخامسة والثلاثين، صبيحة الوجه، جميلة الطلعة، فارعة الطول، ممتلئة الجسم. امتزج في تكوينها الدم العربي بالسلالة الرومية، فجاءت صورة بارعة للملاحة العربية، والجمال الإغريقي معا. وكانت تجلس في ذلك اليوم، وهو الحادي والعشرون من رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، في إحدى حجرات قصرها الذي امتاز بين قصور منبج (إحدى مدن الشام) بضخامة بنيانه، وارتفاع شرفاته، وروعة زخارفه. وكان يقوم فوق أكمة بالشمال الغربي من المدينة، بالقرب من «عين المرج» بين الخمائل الزهر،
8
والحدائق الفيح،
9
يحيط بكل ذلك سور ضخم سامق بني بالحجر الصلد، وربض في كل ركن من أركانه حصن منيع الذرا، يكاد يجبه
অজানা পৃষ্ঠা