والجعل هنا بمعنى التصيير، أو بمعنى التسمية، ولذلك تعدى إلى مفعولين. و﴿أَنْدَادًا﴾ جمع نِدٍّ بكسر النون. والند: المِثْلُ والنظير، والنديدُ مثله (١).
وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ مبتدأ وخبرٌ في محل النصب على الحال من الضمير في ﴿فَلَا تَجْعَلُوا﴾، أي: فلا تجعلوا لله أَمْثالًا وأَكْفاء، وهذه حالكم وصفتكم. ومفعول ﴿تَعْلَمُونَ﴾ محذوف، أي: تعلمون أنه واحد لا نِدَّ له ولا ضد (٢).
وقيل: تعلمون أنه المحسن س إليكم والمنعم عليكم دون الأنداد (٣).
والاسم من (أنتم) الألف والنون، والتاء للخطاب لا موضع لها من الإعراب، والميم للجمع (٤).
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)﴾:
قوله ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ (إن) حرف جزم، ومعناه المجازاة، كقولك: إن تقم أقم، فتقم مجزوم على أنه شرط بإن، وأقم مجزوم بأنه جزاء، فإن دخل على (فَعَلَ) قلب معناه إلى (يَفْعَلُ) كما قلب (لم) معنى يَفْعَلُ إلى فَعَلَ.
= عبد الرحمن السلمي، وزر بن أبي حبيش وحدّث عنهما، وكان صاحب سنة وقراءة، قال ابن الجزري ١/ ٣٤٧: جمع بين الفصاحة والإتقان. توفي سنة سبع وعشرين ومائة.
(١) كذا أيضًا في معاني الزجاج ١/ ٩٩، ذكر الند والنديد، وأضاف إليهما الأنباري في الأضداد/ ٢٥/ لغة ثالثة: نديدة، فقال: يقال: فلان نِذي ونَديدي ونديدتي، بمعنى واحد. وهما عنده من الأضداد بمعنى: الضد أو المِثل، وقال: وبه فسرت الآية. وهذا ما ذكره الماوردي ١/ ٨٢ حيث فسرها بثلاثة معانٍ: الأكفاء، والأشباه، والأضداد. ونسبها جميعًا.
(٢) هذا تفسير مجاهد كما في الطبري ١/ ١٦٤، والماوردي ١/ ٨٤، وزاد المسير ١/ ٤٩.
(٣) ذكر الطبري هذا المعنى ورجحه.
(٤) انظر البيان ١/ ٦٤، والتبيان ١/ ٨١.