ফারাহ আনতুন: তার জীবন, সাহিত্য ও তার রচনাবলীর নির্বাচিত অংশ
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
জনগুলি
وقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
قوله فالدين: يعني الدين المطلق، وهو ما يسميه فلاسفة أوروبا «الديانة الطبيعية». فرحم الله الإمام التقي الشيخ محيي الدين على هذا القول الجميل الذي أظهر به تساهلا تطرب له عظام الفيلسوف رينان في قبرها، وغفر الله للخيام بهذا كثيرا من سيئاته. (4) كيف نتصور الخيام
وكان الخيام مشهورا في بلاد الفرس والعرب بعلم الرياضيات والفلك، ولكن شهرته بالشعر كانت أعظم وأوسع، فإن بني عصره من الفرس على الخصوص كانوا يلتقطون رباعياته ويتناقلونها من بلد إلى بلد، ومن منزل إلى منزل، فتملأ البلاد سرورا بما فيها من الدعوة إلى لذة الحياة، والتمتع بالطيبات، والتغزل بالنساء والخمر والهوى النفساني الشديد، الذي لم يصفه أحد كما وصفه الخيام. وهنا موضع للسؤال عن غرض الخيام من شعره هذا؟ وقد انقسمت الآراء في ذلك إلى ثلاثة: الرأي الأول أن الخيام كان بتغزله في الخمر ودعوته إلى ملاذها لا يقصد إلا مقاومة الشرائع الدينية. قال المسيو درمستتر؛ المستشرق المشهور، في حكمه على الخيام: إن أغاني أوروبا الخمرية ليست إلا أغاني جماعة من السكيرين. أما أغاني الفرس الخمرية فهي بمثابة حرب تشهر على التقاليد الدينية الضاغطة على طبيعة الإنسان وحريته وثورة عليها، فشرب الخمر عندهم عبارة عن طلب الحرية، والرأي الثاني، وهو رأي كثيرين من الفرس قالوا به بعد وفاة الخيام: إنه إنما كان يتغزل بالخمر الإلهية لا خمر الكرمة، فإن هذه الخمر عند الصوفية عبارة عن رمز إلى الخمرة الإلهية. ولكن يكفي لرد هذا الرأي أن الخيام كان والصوفية على طرفي نقيض، وما جاز قوله في ابن الفارض لا يجوز في الخيام. ولقد حكم المسيو باربيه دي مينار؛ المستشرق المشهور، في هذه الآراء حكما مبهما، فقال: سواء كان هذا الكتاب - يعني رباعيات الخيام - اعتراضا على التقاليد الإسلامية، أو كان ثمرة تصور عليل، وخليطا غريبا من الشك والتهكم والنفي المؤلم؛ فإنه من الغريب المدهش أن نجد في بلاد الفرس منذ القرن الحادي عشر رجالا سبقوا جوت وهنري هين إلى كثير من أفكارهما.
فبعدما تقدم تظهر لنا صورة الخيام بعد ثمانية قرون من وفاته واحدة من اثنتين: فإما أنه رجل كبير من رجال العقل والنقد، كان يطلب محاربة التقاليد والأوهام ليطلق العقل البشري من عقاله، ويهدم النظام الاجتماعي الذي كان في عصره؛ لأنه قائم على ظهور الصغار لمنفعة الكبار. وإما أنه رجل منتفخ الجسم، دموي المزاج، شديد الشهوة إلى المسكرات وما وراءها، اتخذ عقله سبيلا إلى إشباع شهواته حين لم يجد وراء هذه الحرية شيئا. وهذا شأن النفوس الصغيرة التي تطلب تحرير عقولها، والانطلاق من قيد المعتد، لتبيح لنفسها المرح في ميدان الملاذ والشهوات في هذه الدنيا. وحينئذ يكون بين الخيام وبين أبي العلاء المعري؛ فيلسوف شعراء العرب وحكيمها، من الفرق ما بين التراب والتبر، فإن المعري كان يبحث في تحرير عقله ونفسه ليضعهما تحت نير أشد وأصعب من نير الدين، وهو نير الحكمة، وكراهة الشر، والتقوى الأدبية التي تقوم عند العقلاء المخلصين متى كانت حقيقية مقام الشريعة الدينية والتقوى الدينية. (5) شهرته في أوروبا وأميركا
ولقد عاصر الخيام كثيرين من علماء العرب وفلاسفتهم، أشهرهم الفيلسوف ابن سينا، وحجة الإسلام الإمام الغزالي، وأبو العلاء المعري. ولم نعثر في أثناء مطالعتنا أنه التقى بابن سينا ولا بالمعري، فإن ابن سينا توفي وعمر الخيام 20 سنة، كما تقدم، وإنما وجدنا أن الخيام توفي وهو يقرأ الشفاء، كتاب ابن سينا المشهور. أما المعري فقد كانت وفاته في عام 449 للهجرة، كما روى ابن خلكان. وحيث إن الخيام ولد في سنة 408، فيكون عمره يوم وفاة أبي العلاء 41 سنة، وإنما ذكرنا هذه التفاصيل للسبب التالي:
অজানা পৃষ্ঠা