Ruskin
للنظام القديم ضربات لها بعض التأثير، وهو إن كان لم تتوافر له رؤية واضحة لقيمة الأشياء فلقد نجح على الأقل في كشف تفاهة بعضها، أما نيتشه فقد دحض بهرائه العبثي هراء آخر أكثر عبثية وأمعن دناءة وفسادا، غير أن التنقيب عن المنشأ ليس مما يعنيني، وثق أنه حالما تتأسس الكنيسة فإن المجددين من كتاب سير القديسين سوف يتكفلون بإنصاف شهدائها ومبشريها.
وإذا أخذنا بالاعتبار أيضا أن أي نهضة وجدانية عظيمة لا بد أن تكون مسبوقة بحركة هدمية فكرية، فكيف نحدد نقطة بداية لهذه الحركة الهدمية؟ إنني أفترض أن بإمكاننا أن نبرهن على أنها بدأت مع فولتير والموسوعيين، ولعل المؤرخ بعد إذ أوغلنا في الماضي إلى هذا الحد أن يجد سببا لأن يوغل أبعد من ذلك؛ فأنى له أن يبرر أي حد يقف عنده؟ يقال إن كل كائن حي يحمل في داخله جرثومة فنائه، وربما يكون من الحق أيضا أن أي حضارة ما تكاد تنشأ حتى تبدأ في تخطيط نهايتها، وشيئا فشيئا تغدو أعراض المرض واضحة للأطباء الثاقبي الملاحظة الذين يصرحون بالنتيجة دون أن يدركوا السبب، ولا علينا من ذلك؛ فالجبرية الدائرية أمر يبعث على البهجة قدر ما يبعث على الحزن، ما دام الخير لا بد أن يعقب الشر كما أن الشر يعقب الخير بالضرورة. لقد قلت ما فيه الكفاية على أية حال لأبين أنه إذا كانت أوروبا على أعتاب نقلة جديدة، وإذا كنا مشرفين على اتخاذ أولى الخطوات على منحدر جديد، فإن مؤرخي العصر الجديد سيكون لديهم الكثير ليختصموا حوله.
في القرن التاسع عشر حظي النقاد الهدميون بنصيب من الفهم من جانب أهل عصرهم يفوق ما حظي به الفنانون البنائيون؛ ربما لأن هذا القرن كان يهيئ أوروبا لاستقبال حقبة جديدة، وعلى أية حال فقبل أن ينصرم هذا القرن كان قد أنجب واحدا من أعظم الفنانين البنائيين في العالم ولم يلفت إليه الانتباه،
9
وسواء أكان سيزان يسم بداية منحدر أم لم يكن، فمن المؤكد أنه يسم بداية حركة فنية سآخذ على عاتقي وصف خصائصها الرئيسية؛ فرغم أن التمييز بين حركة فنية وأخرى هو أمر لا يخلو من عبثية ما دامت جميع أعمال الفن على اختلاف عصورها هي في جوهرها شيء واحد، إلا أن لتلك الفروق السطحية التي تميز إحدى الحركات الفنية أهمية خاصة ، ودورا غير الدور التأريخي الذي نشك في أنها تضطلع به؛ ذلك أن الطرق الخاصة في خلق الشكل والضروب الخاصة من الشكل التي يؤثرها جيل من الفنانين لها وقعها إلهام على فن الجيل الذي يليه؛ فبينما تسمح طرق جيل ما وقوالبه بتطور لا حد له، فإن ما يتبناه جيل آخر من طرق وقوالب قد لا يسمح بغير الاحتذاء والتقليد؛ من ذلك مثلا أن الحركة الفنية التي بدأت مع ماساتشو
Masaccio
وأتشيلو
Uccello
وكاستانيو
অজানা পৃষ্ঠা