متكونة في السدم منذ عهد أطول جدا من أعمار النجوم، فمتى ائتلفت النواة - البروتون - والإلكترون في الذرة؟ هذا دهر من أدهار تطور المادة الكونية، وليس بالسهل تقدير سنيه. لقد حسبوا وزن كثير من السدم، وعرفوا أن السديم المسمى «المرأة المسلسلة»
Andronida 31 M
يزن قدر 3500 مليون شمس كشمسنا، ومجموع الضياء الساطع منه يساوي سطوع 660 شمسا، وبناء على هذا التقدير، ولاعتبارات أخرى تختص بالنسبة بين الوزن والسطوع، قدروا أن عمر الذرة في هذا السديم نحو 80 مليون مليون سنة. وكذلك حسبوا وزن السديم المسمى
N. G. 4594
يساوي وزن 2000 مليون شمس، وسطوعه يساوي سطوع 260 شمسا، فقدروا عمر الذرة فيه 110 ملايين مليون سنة. فالمعدل الأوسط لتكون الذرة نحو 100 مليون مليون سنة منذ تكونها في السديم إلى اليوم.
لا نستطيع أن نستمر بالتوغل في الماضي وفي تصور أشكال المادة؛ لأننا كلما تقهقرنا إلى الوراء مرحلة نجد المادة في كل دور سابق أكثر قدرا أو زنة منها في كل دور لاحق. فإذا استمررنا بهذا التوغل إلى ما لا نهاية له اقتضى أن يكون وزن مادة الكون في الأزل ما لا يستطيع العقل تصوره، ولا يمكن أن يتفق مع نواميس الطبيعة. لا بد أن نصل في التقهقر إلى حد من كثافة المادة، لا يمكن أن تكون قبله أكثف منها في الحيز الذي تشغله.
بلغنا في التقهقر في سلم الماضي إلى الدور الذي بدأت فيه الذرة تتكون في السديم من النواة والكهيرب؛ فماذا كان قبل ذلك الدور؟ (7) يد القوة القصوى
لا نستطيع أن نتصور شيئا قبل ذلك الدور إلا أن الحيز - الفضاء الكوني - كان مملوءا سدما لطيفة جدا كلطافة الأيثر - وإذا شئت فهي الأيثر بنفسه - وكانت منتشرة فيه، ومنها نشأت نوى الكهارب والكهيربات غير مؤتلفة في ذريرات، بل بقيت منثورة مبعثرة متفرقة بلا انتظام، ولا يمكن أن يكون هذا الدور أزليا، فلا بد أن يكون قد سبقه دور آخر أو بضعة أدوار كانت فيه المادة والقوة تتأهبان للانتظام، ومهما تقادم هذا الدور فلا يكون أكثر من 200 مليون مليون سنة. وماذا كان قبل ذلك؟
قلنا إننا لا نستطيع أن نتصور أزلية للوجود المادي ما دمنا نرى له تطورا من حالة إلى حالة، فلا بد أن نسلم بأن «قدرة قصوى» عينت حيزا متناهيا من الفضاء، ثم أفرغت فيه قدرا متناهيا من الهيولي - أصل المادة - التي نشأت منها النوى والكهيربات. وإذا كنا نسلم بأن المادة والقوة شيء واحد وجب أن نتصور أن قوة مشعة ذات أمواج أقصر ما عرف من الأمواج إلى الآن وأسرعها كانت في البدء، ولم تكن أطول من جزء من 13 إلى يساره 13 صفرا - فعلامة الكسر العشري هكذا 0,000000000000013 - من السنتيمتر، وهي أقصر الأمواج المعروفة وأسرعها.
هذه الموجة تسحق الكهرب والكهيرب إذا سلطت عليهما في بعض الأحوال، وتنشئهما في بعض الأحوال الأخرى، كما هو ثابت بالاختبار العملي العلمي؛ يجب أن نتصور قوة بهذه الشدة أفرغت في ذلك الحيز الفارغ وجعلت تتبلور أو تتجمد في كهارب وكهيربات تألفت منها الذريرات فيما بعد. من هذه القوة المتجمدة تكونت السدم اللطيفة التي كانت تملأ الحيز المعد لها، ومن كهاربها وكهيرباتها تألفت أجرام بعدئذ، أو يمكننا أن نتصور - بحسب تعبير السير تجايمس تجينز - أن الله ملأ الحيز أيثرا أو فوتونات، ثم حركه بأصبعه، فجعلت ذريرات الأيثر أو الفوتون تتألف منها الكهيربات والبروتونات، منذ ذلك الحين ابتدأ المكان وابتدأ الزمن.
অজানা পৃষ্ঠা