الانتفاع بالوثائق النفسية في حكومة الأمم
طبق جميع أعاظم أقطاب السياسة علم النفس تطبيقا غريزيا، غير أن هذا العلم بقي إلى حد كما كانت عليه الكيمياء قبل لافوازيه.
ومن ذلك مثلا كون مدرسة العلوم السياسية بباريس المشتملة على عدد كبير من كراسي التدريس لا تحتوي أي كرسي خاص بتعليم علم النفس.
ومع ذلك فقد أبصرت مقدار اكتراث رجال السياسة لعلم النفس بما رأيت من إقبال كثير منهم على مطالعة كتبي وترجمتها. وقد ترجم كثير من كتبي - ولا سيما: روح الجماعات والسنن النفسية لتطور الأمم - إلى كثير من اللغات الأجنبية، فنقل إلى العربية من قبل وزير العدل بالقاهرة فتحي باشا،
2
وإلى اليابانية من قبل سفير اليابان بباريس السيد موتونو، وإلى التركية من قبل مدير أهم صحف إستانبول، وإلى الروسية من قبل الدوك الأعظم قسطنطين الذي كان مديرا للمدارس الحربية، وإلى الهندوستانية من قبل رئيس وزراء نظام حيدر آباد، إلخ. «وروح الجماعات» على الخصوص هو أكثرها مدارا لتأمل أقطاب السياسة، ففي محادثة وقعت مع السنيور موسوليني ونشرتها «آفاق العالم» تجد العبارة الآتية:
لديكم في الحقل الفلسفي والعلمي رجال تفاخر البشرية بهم كثيرا، كغوستاف لوبون الذي قرأت جميع كتبه، ومما لا يحصى عدد المرات التي طالعت فيها كتابه «روح الجماعات»، فكنت أرجع إليه في الغالب.
وفي محادثة اخرى نشرتها «الأنال» في 8 من يونيو سنة 1924 عبر رئيس جمهورية الشيلي، دون أرتورو ألساندري عما في نفسه بما يأتي:
إذا أتيح لكم ذات يوم أن تتعرفوا بغوستاف لوبون، فقولوا له إن رئيس جمهورية الشيلي أشد الناس إعجابا به، فقد تغذيت بكتبه، وأطلب أن تبلغوه أنني ما فتئت أجد في عملي السياسي فرصة وقوفي على صحة ملاحظاته العجيبة.
ومثل هذا الرأي ما أبداه غير مرة رئيس جمهورية الولايات المتحدة السابق، مستر روزفلت حول كتب غوستاف لوبون، ولا سيما: «السنن النفسية لتطور الأمم»، هذا الكتاب الصغير الحجم الذي لم يفارقه قط في رحلاته، والذي كان يستوحيه في سياسته كما قال.
অজানা পৃষ্ঠা