كان غليوم الصموت يقول: «لا ضرورة للأمل في الإقدام ...» وقد أثبت الفوز صحة هذا المثل.
ومما يزيد في تمني إقامة سلم دائمة في أوربة، كون كل حرب جديدة، تعتمد على تقدم الأسلحة الحديثة، تؤدي إلى تخريب عواصم العالم القديم الكبرى، وتدل على نهاية حضارته.
وكانت حروب الماضي تتم بأسلحة قليلة العدد لا يكترث لها غير قسم ضئيل من الأهلين، ولا تواجه الحروب الحديثة بين بضعة آلاف، بل تقابل بين ملايين من الآدميين، ولا تعتم أن تعم مختلف بلدان القارة.
وحتى الآن لم تسفر عن نتيجة جميع الجهود التي بذلها السياسيون وصولا إلى نزع السلاح في البر والبحر، واستبدالا للتحكيم بما يقع من نزاع مسلح. ومن الصواب قول رئيس جمهورية الولايات المتحدة: إن أمل الأمة العزلاء أو السيئة السلاح في ألا تهاجم ضعيف جدا. ومن الواضح مثلا كون روسية التي تحلم بوقوع حرب عالمية لتضمن نصرا لمبادئها، شديدة الخطر بجيشها المؤلف من ستمائة ألف رجل، على أوربة العزلاء من السلاح.
وفي معارفنا الحاضرة يقوم الأمل الوحيد في سلم دائمة على اكتشاف أسلوب في التخريب بالغ من السرعة ما لا تريد أمة معه أن تعرض نفسها لنتائجه، ومن ذلك مثلا: اكتشاف وسيلة لجمع الموجات الهرتزية في نقطة واحدة.
1
ومنذ زمن بعيد أبصر مونتسكيو - كما يظهر - هذه الاكتشافات الخطرة حينما قال: «أرتجف دائما من الانتهاء في آخر الأمر إلى اكتشاف شيء مكتوم يجهز بأسلوب وجيز، يهلك به الناس ويقضى به على جميع الأمم والشعوب.»
ومع ذلك فإن اكتشافات مثل تلك حققت اليوم تقريبا ببعض المتفجرات، ومما لاحظه وزير إنكليزي أن من الممكن أن يتم تقويض الحضارات الأوربية نتيجة لها. •••
وفي أقل من نصف قرن أبصر العالم في ميدان العقل تقدما أعظم من جميع ما حقق منذ أقدم الأزمان، حين كانت ترسم الحضارات الأولى على ضفاف النيل وسهول كلدة.
وما حقق من تقدم في حقل المشاعر التي ما انفكت تسيطر باندفاعاتها على الناس كان ضعيفا جدا، وما كان العقل الذي يجب أن يوجه الأمم لينفع غالبا في غير تحقيق النواحي اللاعقلية لسيرها.
অজানা পৃষ্ঠা