النمسوي،
21
الذي بحث كثيرا وقام بتجارب مختلفة حتى اهتدى إلى النظرية التي عرفت باسمه.
أجرى هذا الباحث تجاربه على نبات البسلة الذي كان موجودا منه أنواع مختلفة الطول واللون في حديقة الدير الذي كان قسيسا له، بأن لقح بعضا من النوع الطويل بآخر من القصير فكان الناتج كله طويل الساق، ومعنى هذا أن صفة الطول قد تغلبت وكمنت الصفة الأخرى. ثم استنبت الفصيلة الناتجة ولقحها بعضها ببعض فرأى ما أدهشه، وهو أن ربع الناتج كان قصيرا والباقي كان طويلا! استنبت مرة أخرى هذه الفصيلة الأخيرة ولقحها تلقيحا ذاتيا كذلك فكان الأمر عجيبا؛ إذ كان نسل الربع القصير قصيرا مثله، وقد كرر زرعه فلم ينتج إلا قصيرا، وكان ثلث الباقي طويلا ولا ينتج إلا مثله دائما، وكان الباقي بعد ذلك من النوع الطويل لكن فيه صفة القصر مكسوفة كامنة، لهذا كان باستنباته يعيد السيرة الأولى، فينتج قصيرا وطويلا بالنسبة السابقة، أي أن الربع ظل قصيرا خالصا، والربع كذلك كان طويلا خالصا، والنصف كان طويلا فيه صفة القصر كامنة.
وكذلك أجرى مثل هذه التجربة على اللون، ثم على بعض الحيوانات كالأرانب والدجاج والحمام، فكان صدى هذه التجارب كلها قانونه الذي عرف باسمه. وبهذه النظرية أو هذا القانون - وإن لم يطرد نجاحه دائما - أمكن الحصول على أجود الأنواع في النبات والحيوان.
22 (ح) وراثة الصفات المكتسبة
الصفات المكتسبة هي الصفات التي تصيب المرء في حياته الخاصة لعوامل خاصة به، دون أن يكون لأحد من أسلافه نصيب في شيء منها، مثل آثار الجروح التي تعتري المرء واسمرار بشرة الأبيض الذي يقيم في بلاد حارة، غير مقتف في ذلك أثر أحد من آبائه الأقربين أو الأبعدين. (أ)
وقد اختلف العلماء في وراثتها، فقال بذلك بعضهم وأولهم «دارون» وسائر أشياع مذهب النشوء والارتقاء. وهذا الرأي من دارون يتفق مع نظريته في حقيقة الوراثة التي تتلخص كما قدمنا في أن الجسم يفرز حين اللقاح أجزاء صغيرة من كل عضو يتكون منها الجنين، فمن الطبيعي إذن على رأيه أن تتمثل في هذه الأجزاء صفة كل عضو على حالته التي يكون عليها حين اللقاح.
ويسوق «دارون» لدعم رأيه حالات كثيرة ظهرت فيها وراثة هذه الصفات، ثم يقول: «على أن ما نلحظه في أنواع البقر والماعز الحلوب المستولدة في أقاليم يكثر حلبها فيها، لمثال يبين لنا أثر الاستعمال والإغفال، فإن كبر حلماتها صفة وراثية فيها، ويتضح ذلك من مقارنة هذه الأعضاء فيها بما لأنواعها غير الحلوب في أقاليم أخرى.»
23
অজানা পৃষ্ঠা