وإذا كان «الزواج الحيواني» هو المثل الأدنى للزواج بين أبناء النوع الإنساني؛ فمن حق الشرائع أن تمنعه ولا تقبله على وجه التعليل ولا على وجه الاستثناء.
ونعني بالزواج الحيواني ذلك الزواج الذي يقوم على هوى الجسدين ولا تبقى فيه بقية للألفة ودوام العلاقة بين الزوجين، متى نفر بالزوج هواه أو نفر بالزوجة هواها.
فلا نقسر الناس على أدب الملائكة، ولا نقبل منهم خسة الحيوانية، وقوام الأمر بين الحالتين هو ما قضت به شريعة القرآن: تفضيل الزواج الموحد وعصمة الزواج من أهواء الساعة وعوارض النفور والسآمة:
وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا .
2
ولم يجاوز القرآن بتعدد الزوجات أن وضعه في نصابه فاعترف بإمكان وقوعه أو ضرورة وقوعه في بعض الأحوال، وهي حالة معترف بها ولا شك في الحياة الإنسانية حيث كانت من أقدم الأزمان إلى هذا الزمان، ولكنه اعتراف التواطؤ والإغضاء الذي يحدث في غفلة الشريعة ويصبح في العرف المصطلح عليه شريعة مفعولة تهرب من وضح النهار ولا يعوزها إلا التقرير والتصريح، فكم من زوجة بين من يحرمون تعدد الزوجات تعلم أن «فلانة» بعينها خليلة زوجها وتدعوها إلى بيتها وتزورها وتتجاهل الحقيقة التي لا تجهلها ولا يجهلها أحد من بيئتها، ولكنها تقبل هذا التواطؤ؛ لأنها تقابله بمثله وتذهب في المجتمع باسم زوجة «فلان» وخليلة «فلان!» ويحدث من جراء ذلك ما يحدث من التناقض الوبيل بين شريعة الواقع وشريعة الدين أو شريعة الدولة، مغالطات ومخادعات أهون منها كل إحساس يتولد من تعدد الزوجات؛ لأنه يضيف إلى الغيرة والنكد أكاذيب الأخلاق ومحاولات التهرب والاحتيال في مسائل الذرية ومسائل الأسر والقرابات.
وما هو الإحساس الذي يتولد من تعدد الزوجات؟
هو على التحقيق إحساس لا ترضاه النساء. ولكن أين هو المجتمع الذي يتكفل لكل إنسان بالرضا كله ويعفيه من كل ما يسوءه ويخالف هواه؟
فالمرأة تلاقي في حياتها كثيرا من المحزنات والمغضبات التي لا حيلة فيها للمجتمع ولا للشريعة، وقد يهون احتمال الضرة لديها إذا قيس بما تحتمله في كثير من مآزق الحياة، وقد تفضل المشاركة في زوج من الأزواج على الحرمان منه في بعض الأحايين، ويصدق هذا على المرأة التي ملكت كل حريتها في أمم الحضارة الحديثة كما يصدق على المرأة الجاهلة في الأمم التي أنكرت على النساء أكثر الحقوق، ولا نظن أن امرأة بلغت من الحرية في اختيار الأزواج والعشراء ما بلغته المرأة الأمريكية في القرن العشرين، ولا سيما الفتيات اللاتي ملكن كل أسباب الطلاقة من سيطرة الآباء والأولياء، ومن هؤلاء من سئلن رأيهن في تعدد الزوجات فقالت إحداهن في مجلة الحوار
Debate :
অজানা পৃষ্ঠা