মহাদেশীয় দর্শন: একটি খুব ছোট পরিচিতি
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
قدمت المثال الأبرز على افتقاد التواصل هذا في صورة مجموعتين من الأشخاص تمثلان ما سميته «الثقافتين». تتضمن إحدى هاتين المجموعتين العلماء، الذين لا حاجة بنا إلى التأكيد على قيمتهم وإنجازاتهم وتأثيرهم؛ وتتضمن الأخرى المفكرين الأدبيين. وأنا لم أقصد أن هؤلاء المفكرين بمنزلة صناع القرار الرئيسيين في العالم الغربي، وإنما قصدت أنهم يعبرون عن حالة الثقافة غير العلمية، وإلى حد ما يشكلونها ويتنبئون بها؛ فهم لا يصنعون القرارات، ولكن كلامهم يتسرب إلى أذهان من يقومون بذلك. وبين هاتين المجموعتين - العلماء والمفكرين - يوجد تواصل ضئيل، وشيء من العداء، بدلا من التشارك في بعض الاهتمامات.
كان القصد من هذا وصفا للحالة الراهنة للأمور، أو تقريبا أوليا بسيطا جدا لها. وهذا وضع كرهته بشدة، وأعتقد أنه وضح على نحو ملائم.
التشابه هنا مع ملاحظات مل واضح، لا سيما العداء الذي يشعر به ممثلو كلتا الثقافتين بعضهم تجاه بعض. وكما هي الحال مع مل، فإنه من المغري إخضاع جهود سنو للتحليل النفسي. حصل سنو على شهادته الجامعية في الكيمياء بتفوق عام 1927، وفي عام 1928 بدأ العمل للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة كامبريدج، وذلك في مختبر كافنديش الشهير على مستوى العالم الذي كان يرأسه اللورد رذرفورد. ووصل النجاح إلى أن أصبح عالما بحثيا متميزا، وأصبح في عام 1964 الرجل الثاني في وزارة التكنولوجيا المنشأة حديثا على يد هارولد ويلسون. ومع ذلك، كان لديه دائما شغف بالأدب، وفي عام 1932، نشر قصة بوليسية بعنوان «موت تحت الشراع»، تبعتها سلسلة «غرباء وإخوة» التي وصل عدد رواياتها إلى ما لا يقل عن إحدى عشرة، حظيت بشعبية كبيرة؛ ومن ثم، وبطرق عديدة، كان تعبيره عن أزمة الثقافتين يمثل صرخة استغاثة من القلب. ومع ذلك، كما هي الحال مع مل، كانت تلك الأزمة أيضا جزءا من مرض ثقافي أكبر.
تعرض سنو لهجوم شرس على شخصه من قبل الناقد الأدبي والثقافي الأبرز في عصره إف آر ليفيس، الذي هاجم «قدرة سنو على الإقناع الزائف المتعدد الجوانب» ونقص الفهم الأدبي لديه. وتجاهل سنو على نحو صحيح تلك المحاولات النخبوية لتجاهل المشكلة، ولكن من الواضح أن ما تكشف عن مناقشات سنو وليفيس كان هو الصراع الذي أصبح الآن معروفا بين بنثام وكولريدج، صراع النفعية في مقابل الرومانسية. في الواقع، هذا اشتباك مألوف في التاريخ الثقافي الإنجليزي. وكمثال أخير، تاريخيا، ثمة خلاف بين تي إتش هكسلي وماثيو أرنولد في الفترة ما بين مل وسنو. باختصار، أيد هكسلي في محاضرة في عام 1880 ألقاها في برمنجهام - التي كانت تعد حينها المحور الصناعي لبريطانيا - التعليم العلمي في مقابل التعليم التقليدي السائد الذي كان يسيطر على الجامعات حينها. ورد أرنولد في محاضرة ريدي في عام 1882 في جامعة كامبريدج بعنوان «الأدب والعلم»، بالزعم بأن الأدب والعلم يمكن دمجهما في فهم أوسع وجرماني أكثر للعلم باعتباره المعرفة بمعناها الواسع. وعلى الرغم من كونه ردا بناء، فإن المقصد الحقيقي يظهر في معارضة أرنولد الراسخة لتنقيح الفكر الجامعي التقليدي؛ ومن ثم فإن نفس القصة تستمر، ومما لا شك فيه أنه ستظهر صور أخرى أكثر معاصرة منها.
ومن ثم، فإن اقتراحي هو أن علينا فهم التقسيم الحالي للفلسفة في ضوء نموذج الثقافتين؛ حيث إن الصراع بين قطبي هذا العداء يشكل ما نراه كثقافة. وعلى هذا النحو، من غير المرجح مطلقا أن يختفي أي من هذين القطبين أو كلاهما. وكما يقول مل، توجد حقيقة في هذا العداء عرفها «فلاسفة التقليد القاري» لبعض الوقت. وأفضل ما يمكن أن نأمله هو أن يقتنع طرفا هذا العداء على الأقل بوجهة النظر القائلة بأن وجود الطرف الآخر أمر مشروع، وأنه ربما يوجد شيء لديه يمكن مناقشته، وفي أحسن الأحوال، التعلم منه.
العلاج الذي قدمه سنو للتعامل مع هذا التقسيم الفلسفي والثقافي بسيط جدا، ويمكن تلخيصه في كلمة واحدة: «التعليم». ومن وجهة نظري، إنه لا يزال محقا. وقد أدى هذا التشخيص الثقافي الذي قدمه سنو - على نحو مباشر إلى حد ما - إلى ظهور تقرير روبنز حول التعليم العالي في عام 1963، وإلى تأسيس عدد من «الجامعات الجديدة»: ساسكس، ووريك، ويورك، وكيل، وكينت، وإيست أنجليا، وجامعتي التي ارتدتها إسكس. وكان الهدف الضمني لهذه الجامعات هو معالجة مشكلة الثقافتين بالإصرار على حصول الطلاب على تعليم شامل؛ حيث ينبغي على علماء العلوم الطبيعية دراسة موضوعات من العلوم الإنسانية والاجتماعية، والعكس صحيح. ومن الحقائق المحزنة أنه نتيجة للهجوم على الجامعات الذي شنته حكومة تاتشر في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، تخلت هذه المؤسسات عن هذه المهمة إلى حد كبير، واحتل مكانها طلسم «تعدد التخصصات» المبهم.
وأخيرا، ربما نتأمل حجة ستيفن تولمين في كتاب «المدينة العالمية»؛ حيث يقول بجرأة إن هناك ثقافتين لأن هناك بدايتين للحداثة؛ إحداهما إنسانية، والأخرى عقلانية. إذا كان اسم ديكارت يرتبط عادة بهذه الأخيرة، فإن رأي تولمين هو أن الحداثة العلمية التي تبدأ في العقود الأولى من القرن السابع عشر تحجب - بل تشوه أيضا - الحداثة الإنسانية التي يمكن تتبع أصلها إلى التشكك الإنساني العملي التفكير لمؤلف «المقالات» لمونتين، الذي ظهر في عام 1580. بالنسبة إلى تولمين، كان هناك مسار مزدوج غير محدد للحداثة - بجانبيه الإنساني والعلمي - أدى إلى انهيار أو تفكك وحدة النظرية والتطبيق، أو الحقيقة والمعنى، أو المعرفة والحكمة. ويتمثل اقتراح تولمين المتفائل (مفرط التفاؤل في رأيي، ولكنه مثير للإعجاب مع ذلك) في أننا بحاجة إلى أنسنة الحداثة، وللقيام بذلك نحتاج إلى بعث الفلسفة العملية من جديد. ويعيد تنشيط كتابات فيتجنشتاين اللاحقة التشكك الإنساني لمونتين ويجدد الدافع العملي للتفلسف. يقول تولمين في هذا الصدد:
إذا كانت الثقافتان لا تزالان منفصلتين، فإن هذا ليس سمة خاصة ببريطانيا القرن العشرين وحدها؛ فهي تذكير بأنه كان للحداثة نقطتا انطلاق مختلفتين؛ واحدة إنسانية متأصلة في الأدب الكلاسيكي، وأخرى علمية متأصلة في الفلسفة الطبيعية في القرن السابع عشر.
ما لم يوضح حتى الآن هو السبب في عدم رؤية أن هذين التقليدين من البداية متكاملان، وليسا متنافسين. مهما كان المكتسب من جهود جاليليو وديكارت ونيوتن في الفلسفة الطبيعية، فإن شيئا ما فقد أيضا من خلال التخلي عن إرازموس ورابليه، وشكسبير ومونتين.
الفصل الرابع
অজানা পৃষ্ঠা