মহাদেশীয় দর্শন: একটি খুব ছোট পরিচিতি
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
الفصل الثالث
النظارات والعيون: ثقافتان في الفلسفة
لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لإدراك أنه توجد مشاكل خطيرة في التمييز بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية. الفلسفة القارية عبارة عن سلسلة انتقائية ومتباينة للغاية من التيارات الفكرية التي من الصعب أن يقال إنها تمثل تقليدا فلسفيا موحدا. على هذا النحو، فإن الفلسفة القارية مصطلح «ابتدعه» الفكر الأنجلو أمريكي الأكاديمي ليميز نفسه عن الفكر الفلسفي لأوروبا القارية، الذي لم يكن في الوقت نفسه ليقر بشرعيته وتميزه؛ ما يشبه قليلا طلب إفطار قاري (كونتينينتال) في باريس.
ومع ذلك، إذا أخذ مفهوم الفلسفة القارية بمعناه الظاهري كتصنيف جغرافي، فحينها ستنشأ مشاكل أخرى. فيوجد فلاسفة من أوروبا القارية، مثل فريجه وكارناب لا يتبعون فكر الفلسفة القارية، وفلاسفة من خارج أوروبا القارية يتبعونه. وأيضا، من الناحية الجغرافية، يمكن أن تصبح الأمور مختلطة إلى حد كبير، كما هي الحال عندما يدعي دوميت على نحو صحيح أن مصطلح «الأنجلو أمريكية» (وهو تسمية جغرافية أخرى ليس لها مدلول أكثر وضوحا من «القارية») تسبب في ضرر أكبر مما تسبب فيه من نفع؛ لأنه تجاهل جذور الفلسفة التحليلية التي نشأت في الدول الناطقة بالألمانية. بدلا من ذلك، اقترح دوميت - على نحو عابث ولكن دقيق - استبدال مصطلح «الأنجلو نمساوية» به.
ثمة اعتراض أعمق على التمييز بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية أثاره برنارد ويليامز، عندما يدعي أن التمييز يقوم على خلط بين الجوانب الجغرافية والمنهجية، كما لو كان المرء يصنف السيارات إلى سيارات دفع أمامي وسيارات يابانية. فعلى الرغم من أن الفلسفة التحليلية كثيرا ما ترتبط بقوة بأماكن معينة - أكسفورد أو برنستون مثلا - فإنها تدل على التزام بأسلوب تفلسف معين، وبمعايير معينة للمحاججة والوضوح والصرامة المنهجية ، في حين أن الفلسفة القارية يبدو أنها تدل على التزام بمكان معين، بغض النظر عن المنهجية. وهكذا، فإنه بالنسبة إلى ويليامز، التمييز بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية يقوم على مقارنة تخلط بين الجوانب المنهجية والجغرافية.
ومع ذلك، لن يصحح هذا الالتباس عن طريق إعادة صياغة المصطلحات المتقابلة بدقة اعتمادا على تصنيف جغرافي (أي أنجلو أمريكية في مقابل قارية)، أو منهجي (أي تحليلية في مقابل فنومينولوجية). إذا أعيدت صياغة المصطلحات المتقابلة جغرافيا، فإن هذا سيزيد الأمور سوءا؛ لأن ذلك يعني خطأ أن الفلسفة في المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية وأسترالاسيا غير قارية بحكم التعريف، وأن الأب المؤسس للفلسفة التحليلية (فريجه) وأن أكبر ممثل لها (فيتجنشتاين) كانا من أصحاب فكر الفلسفة القارية. إذا تم إعادة صياغة المصطلحات المتناقضة منهجيا، فبالكاد سيكون ذلك مسئولا عن حقيقة أنه على أحد جانبي التقسيم، يمكن أن يقال إن عددا قليلا جدا من الفلاسفة يتبعون الأشكال التقليدية للتحليل الفلسفي (فضلا عن الحديث عن الفلسفة «ما بعد التحليلية» في السنوات الأخيرة)، وعلى الجانب الآخر، لن توجد ببساطة فئة يمكن أن تغطي كافة الأعمال المتنوعة التي أنتجها مفكرون مختلفون منهجيا وموضوعيا مثل هيجل وكيركجارد، أو فرويد ومارتن بوبر، أو هايدجر وتيودور أدورنو، أو جاك لاكان ودولوز.
إن ويليامز محق في كونه متشككا حيال أي تصور من هذا النوع للتمييز بين المدارس والمذاهب الفلسفية؛ لأنه يخفي جدلا ممكنا أكثر عمقا وإثارة للاهتمام حول هوية الفلسفة نفسها. وعلى الرغم من أنه من الواضح، من خلال نقد ويليامز، أن هوية الفلسفة بالنسبة إليه تمثل على نحو أفضل من خلال الفلسفة التحليلية، التي تتمثل مزيتها الأساسية إلى حد ما في «الصدق البارع»، والتي تبدو مستندة إلى مقارنة محل جدل إلى حد كبير بين الفلسفة وإجراءات العلوم الطبيعية؛ فإنه من الواضح أن لديه وجهة نظر حيال هذا الموضوع، والذي سأعود إليه في ختام هذا الكتاب. يوجد شيء محدود الأفق وجبان على المستوى الفكري حيال تحديد المرء لانتمائه لأحد طرفي تقسيم فلسفي متصور؛ لأن ذلك يمنع ظهور التحديات الفكرية الممكنة التي قد تنتج عن حوار خارج نطاق الفلسفة التي يتبناها المرء. (1) نظرة على بعض الأفكار النمطية عن التمييز بين الفلسفتين
مع ذلك، لا ينبغي تنحية التمييز بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية جانبا دون محاولة تشخيص بعض الأفكار النمطية الثقافية العالقة في داخله وتخليصه منها. وتواصل نطاقات الفلسفات وجودها، ويتمثل الأمر الآن في محاولة معرفة سبب كون الحال كذلك، من خلال تناول بعض الأمثلة.
يلخص ستانلي روزن، بسخرية شديدة وبمهارة، التمثيل النمطي للتمييز بين الفلسفة التحليلية والقارية على النحو التالي: «الدقة والوضوح المفاهيمي والصرامة المنهجية هي سمات الفلسفة التحليلية، في حين أن الفلسفة القارية تستغرق في الميتافيزيقا التأملية أو التأويلية الثقافية؛ أو بدلا من ذلك، واعتمادا على مدى تعاطف المرء معها، تستغرق في الاستسلام للأوهام والسخافات.» وأخشى أن هذه الأفكار النمطية تتأكد فقط من خلال المناقشات في الصحافة وملاحظات بعض الفلاسفة الأكاديميين الذين ينبغي أن يكونوا على دراية أكبر بالأمور. ولضرب مثل على هذا النوع الأخير من الفلاسفة، لا يجب علينا النظر إلى أبعد مما حدث مع دريدا في جامعة كامبريدج في عام 1992؛ حيث عارض بعض الأعضاء البارزين في الجامعة ترشيح جاك دريدا للحصول على الدكتوراه الفخرية. وفي اليوم التالي لخسارة المعارضة في التصويت، نشرت صحيفة بريطانية ذات منزلة رفيعة خبرا تحت عنوان «العدمية المعرفية تغزو مدينة إنجليزية».
ولكن ربما تم التعبير عن الهوة التي تفصل بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية على نحو أكثر إحكاما أثناء المناقشة العصبية والسيئة السمعة التي تلت تقديم جيلبرت رايل لبحثه في مؤتمر حول الفلسفة التحليلية في فرنسا في عام 1960، والتي أجاب فيها رايل عن سؤال موريس ميرلو-بونتي «أليس برنامجنا واحدا؟» قائلا: «آمل ألا يكون كذلك.» إن هذه العبارة، هذه ال «لا» الثابتة في وجه الغرابة الملحوظة في أوروبا القارية، هي الكاشفة بوضوح لتحامل أيديولوجي ينبغي بالتأكيد ألا يكون له مكان في الفلسفة. كانت هذه ال «لا» هي نفس ال «لا» التي قالتها البارونة تاتشر لخطط جاك ديلور الخاصة بالاتحاد الأوروبي ، والتي كانت بداية سقوطها السياسي في عام 1990. والمفارقة هنا هي أن رايل الشاب بدأ حياته بوصفه مؤيدا للفنومينولوجيا، فكان أول عمل منشور له هو مراجعة دقيقة جدا لكتاب هايدجر «الوجود والزمان»، الذي نشر في دورية «مايند» في عام 1930، وألقى الكثير من المحاضرات في جامعة أكسفورد في ثلاثينيات القرن العشرين حول بولزانو وبرنتانو وفريجه وماينونج وهوسرل. وكما أشار دوميت على نحو أضعف مما تقتضيه الحقيقة: «إنه لأمر مؤسف حقا أن قليلا فحسب من علمه حول هؤلاء المبدعين حفظ مطبوعا، وبالمثل - من وجهة نظري - أن استمر قليل مما تعلمه منهم في أعماله اللاحقة.»
অজানা পৃষ্ঠা