ফিলোসফি এর ধরণ এবং সমস্যাগুলি
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
জনগুলি
ولكي يفعل المرء ذلك فلا بد له من القيام بدور الفيلسوف. فمن المؤكد أننا عندما نتساءل جديا: «ما الحقيقة؟» نكون قد وضعنا أقدامنا في قطار الفكر النظري التأملي. وفي وسعنا أن نضيف إلى ذلك أننا إذا كنا جادين في هذا السؤال بحق، فلا بد أن نكون قد قضينا وقتا معينا في هذا القطار. ولكي نصل إلى نقطة نهاية تكون فيها محطة مريحة، فلن نجد الأمر نزهة ممتعة في عصر يوم من أيام الإجازة، أو سياحة عقلية مريحة هادئة، بل إننا سنجد الرحلة طويلة وشاقة. (1) النظرية الأولى: الحقيقة بوصفها تطابقا
رأينا في الفصل الأول الخاص بالمشكلات الرئيسية في الفلسفة أن هناك ثلاثة مفاهيم أساسية للحقيقة، تعرف عادة باسم «نظريات الحقيقة»: أول هذه المفاهيم هو ذلك الذي يقول به كل شخص، بلسانه على الأقل، وهو يمثل ما نعتقد عادة أننا نعنيه عندما نصف عبارة بأنها «حقيقة». تلك هي نظرية «التطابق
Correspondence » ومفادها أن العبارة (أو «القضية» أو «الحكم» حسب المصطلحات الفنية التي يفضلها الفلاسفة) تكون حقيقة إذا كانت تطابق واقعا موضوعيا. فإذا قلت: «إن الكتاب على المنضدة الموجودة في الحجرة المجاورة، كانت هذه العبارة حقيقة إذا كان الكتاب بالفعل موجودا في ذلك الموضع. وبعبارة أخرى، فإن الموضع الفعلي للكتاب واقعة، وإذا كانت عبارتي تطابق النظام الموضوعي للوجود، الذي تكون فيه للكتاب والمنضدة والحجرة المجاورة علاقات محددة بعضها ببعض، فعندئذ تكون العبارة صحيحة، فهي تصف موقفا واقعيا، ومن هنا كانت منطوية على حقيقة.
كل ذلك يبدو غاية في البساطة والوضوح ، على الرغم من بعض المصطلحات الفنية المبعثرة هنا وهناك. إذ يبدو أنه لا يمكن أن يكون هناك أي مأخذ على القول بأن كلماتي تكون «حقيقة» إذا كانت تصف الأشياء بدقة كما هي بالفعل، فكيف يمكن أن يكون هناك أي جدال حول موضوع كهذا؟ بل ما الذي يمكننا أن نعنيه «بالحقيقة» غير هذا؟ أليس المثل الأعلى لكل جملة إخبارية أن تصف الأشياء كما هي بالفعل، وبأدق الطرق الممكنة وأقربها إلى الواقع؟ أما الفيلسوف فيرد بقوله: إن هذا دون شك هو المثل الأعلى لكل عبارة صادقة. ولكن لا بد هنا من بحث نقطة صغيرة: فكيف نعرف أن عبارتنا الإخبارية المثالية قد فعلت ما يتعين عليها أن تفعله؟ وما وسيلة اختيار العبارات للتأكد من أنها تؤدي وظيفتها المفروضة؟ لو قلت إن عبارتي تعبر عن واقعة موضوعية وقلت أنت إنها لا تفعل ذلك، لعدنا معا من حيث بدأنا؛ إذ يكون كل منها عندئذ معرضا لأن يطلق عليه الآخر مرة أخرى اسم «الكذاب». وبعبارة أخرى، فما هي محكمة النقض والإبرام التي تبت في واقعية أية قضية؟
النطاق المحدود الذي تنطبق عليه النظرية : هناك صعوبة أخرى تواجهها نظرية التطابق هذه، التي تبدو بسيطة ظاهريا. فماذا تكون فائدتها في ميدان ليست فيه «وقائع»، بمعنى أشياء موجودة يمكن التحقق منها على نطاق شامل؟ مثال ذلك أن الشخص المؤمن يرى أن المعجزات المنسوبة إلى قديس أو نبي هي «واقعة»، على حين أن الشكاك يرى فيها أسطورة خرافية. أما الفيلسوف فيضطر هنا إلى الوقوف إلى جانب الشكاك، وإنكار واقعية المعجزات التي تواترت أنباؤها من العصور الماضية، وليس ذلك بالضرورة لأنها تبدو مناقضة للعلم الحديث، بل لأنه يشعر أن الأفضل الاحتفاظ بلفظ الواقع للأمور التي يمكن التحقق منها على نحو يقره الجميع. ولنتأمل مثالا آخر لعدم كفاية نظرية التطابق، مستمدا من ميدان الرياضيات. فمن الممكن تشييد نسق كامل للتفكير الرياضي ليست له علاقة وثيقة «بالموقف الطبيعي»، بل يمكن أن يكون متنافيا معه. وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون للفظ «الواقع » إلا معنى ضئيل. فتأكيد وجوب مطابقة القضايا الرياضية للأشياء كما هي، هو تأكيد ممتع، ما دامت الأشياء كما هي ، في ذاتها قد تعني في الرياضيات علاقات لا توجد إلا في ذهن الشخص الذي يصوغ النسق.
فأين يؤدي بنا هذا كله إذن؟ من الواضح أن نظرية التطابق، بدلا من أن تكون بمنأى عن الشك كما يعتقد معظم الناس، لا يمكن الاعتماد عليها إلا عندما تستخدم بدقة في مجالات معينة، بل إنه حتى في الحالات التي تنطبق فيها بالفعل على موقف ما، فلا بد أن تكون هناك وسيلة مكملة لإثبات أن عبارتنا القائلة «الكتاب على المنضدة الموجودة في الحجرة المجاورة» تمثل بالفعل واقعة أو تنطوي عليها. وبعبارة أخرى، فإن مشكلتنا الأولى هي إيجاد معايير إيجابية لتحديد الواقعية. وإلى أن نفعل ذلك، فسيظل الادعاء بأن هذا الشيء أو ذاك «واقعة» خلوا من المعنى. شأنه شأن الادعاء بأن هذا الشيء أو ذاك «حقيقة». والواقع أن كل من يعلن أنه يقدم إليك «الوقائع» لا يفعل ذلك بالضرورة. بل إن من المحتمل جدا ألا تكون لمحدثك هذا إلا فكرة شديدة الغموض عما تكونه الواقعة. وإنا لنسمع أحيانا عبارات «الوقائع الصلبة» أو «الوقائع الثابتة» أو «الوقائع الإيجابية» أو حتى «الوقائع المطلقة». والنتيجة الضمنية التي تنطوي عليها هذه الأوصاف صحيحة: ففي كثير جدا من الأحيان لا تكون الوقائع صلبة ولا ثابتة ولا إيجابية ولا مطلقة. وقد لا تكون هذه الوقائع في نظر الذهن التحليلي وقائع على الإطلاق، وإنما مجرد مسلمات أو مصادرات أو فروض أو نظريات أو ادعاءات من أنواع شتى، تعاني حالة شديدة من حالات التفكير المغرض. (2) التحقيق الحسي بوصفه معيارا للحقيقة
إن أهم وسيلة لإثبات العلاقة الواقعية بين العبارات وبين النظام الموضوعي للأشياء هي التحقيق الحسي. فإذا أمكن الاستعانة بحاسة أو أكثر لإثبات أن الأشياء على النحو الذي نقول إنها عليه، لأدى ذلك إلى أن تبدو صحة القضية في نظر معظمنا ثابتة بلا أي جدال. فلنفرض أنني قلت مرة أخرى إن «الكتاب» على المنضدة الموجودة في الحجرة المجاورة»، ثم دخلنا هذه الحجرة ورأينا أنه في المكان المحدد. عندئذ لا يمكن أن يكون هناك أي شك فيما إذا كانت هذه القضية صحيحة أم غير صحيحة. غير أن للفيلسوف مطالب أخرى ينبغي تحقيقها قبل أن نوافق جميعا على أن لدينا هنا مثلا لا شك فيه «للحقيقة». فما الذي نفعله مثلا عندما لا تتفق حاستان أو أكثر من حواسنا فيما يبلغاننا به، كما يحدث عندما تبدو العصا للعين ملتوية في الماء ولكنا نجدها عند اللمس مستقيمة، أو عندما تبدو المادة صلبة على حين أنها لا تكون كذلك، إننا قد جربنا جميعا تلك الخدع التي يمكن أن توقعنا فيها حواسنا، والواقع أن مختلف أنواع الأوهام أكثر شيوعا من أن تسمح لأي شخص بأن يؤكد أن التحقيق الحسي يكفي وحده في كل الأحوال لإثبات الواقعية الموضوعية.
الهلوسة : والأهم من ذلك من الوجهة الفلسفية تلك الظواهر التي يدركها عالم النفس تحت فئة «الهلوسة». ولفظ الهلوسة لفظ واسع، يشتمل على أنواع متعددة من «الرؤى» وحالات الوجد الديني، وحالات الغيبوبة. ففي حالة «الخداع
Illusion » تكون لدينا استجابة حسية فعلية لمؤثر خارجي أخطأته الحواس (أي أخطأت تفسيره) - أو بعبارة أخرى، تكون لدينا تجربة لها أساس في النظام الموضوعي الخارج عنا. أما في حالة الهلوسة فلا يوجد مصدر خارجي يسبب التجربة، وإنما تنشأ التجربة من أحوال في كياننا العضوي ذاته، كالإفراط في شرب الخمر، الذي يجعلنا نرى «أفيالا وردية» أو كالجوع الشديد الذي يسبب أنواعا من الرؤى ومن حالات الغيبوبة. وبينما الأفيال الوردية والثعابين القرمزية ليست لها أهمية ميتافيزيقية، فقد تكون لتجارب أخرى في الهلوسة مثل هذه الأهمية. مثال ذلك أن أشخاصا كثيرين يجدون قدرا كبيرا من «الحقيقة» في حالات النشوة الدينية عند مختلف القديسين أو حتى في تجاربهم الصوفية الخاصة، وهم يجدون في رؤى جان دارك والقديسة تريزا دليلا على وجود نظام خارق للطبيعة.
1
অজানা পৃষ্ঠা