ফিলোসফি এর ধরণ এবং সমস্যাগুলি
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
জনগুলি
الخير بوصفه كونيا : يتفق المثاليون من جميع المدارس بوضوح على مسألة واحدة: هي أن أي نظام من القيم البشرية البحتة - أي الأخلاقية في إطار النزعة الطبيعية مثلا - لا يمكن أن تكون له غاية أو معنى. فقيمنا، ومثلنا العليا، لا تكون لها حقيقة إلا إذا كانت تستند إلى تأييد من الكون. أما لو كان نظام العام آليا أو طبيعيا خالصا، لكانت هذه القيم تتصف بنفس الفراغ وانعدام الدلالة اللذين يتصف بهما الكون ذاته. وبالنسبة إلى البشرية ذاتها، فن مثل هذا الكون يجعل الميتافيزيقا والأخلاق أسوأ من أن يكونا بلا معنى؛ فهما يصبحان فيه «دعابة أو مهزلة» ضخمة. وباختصار، فالمثالية تجد أن من المستحيل التفرقة بين الأخلاق والميتافيزيقا. فلا يمكن أن يكون لكفاحنا الأخلاقي، بل لقيمنا كلها؛ أي معنى إلا عندما نتأكد من أن لهما علاقة بالكون في مجموعه. وسوف نرى بعد قليل ما يقوله المذهب الطبيعي في هذا الصدد ولكنا نود أن نشير، خلال ذلك، إلى أن هذه النقطة هي التي يبلغ فيها التعارض بين المدرستين الكبريين ذروته. فهذه المسألة أساسية بالنسبة إلى المثالية؛ ومن ثم فلا مجال بها للحلول الوسطى: فإما أن يكون الكون ملائما للإنسان وقيمه جميعا، وإما أن تكون هذه القيم دعابة ساخرة - أو مهزلة كونية. ويخلص المثالي من ذلك إلى القول بأن من المؤكد، في عالم كهذا، أن المثل العليا تغدو شيئا غير جدير بأن نموت في سبيله، بل إنها تغدو شيئا لا يستحق أن نعيش من أجله.
ويشير بعض الملاحظين المحايدين لهذا الخلاف بين المثالية والمذهب الطبيعي أحيانا، إلى أن الميتافيزيقي المثالي يبدو وكأنه يشيد مذهبه وفي ذهنه هدف محدد مقدما: هو أن يصور الكون بحيث لا تكون القيم مأمونة فيه فحسب، بل تكون القوى الكونية مشايعة لها. ويسارع خصوم المثالية باستغلال هذا الحكم المحايد، بوصفه دليلا على أن المثاليين أقل موضوعية من أصحاب المذهب الطبيعي، (وبالتالي فإنهم مرشدون غير موثوق بهم كل الثقة في مجال الفلسفة). فخصوم المثالية هؤلاء يرون أننا لو قررنا مقدما أي نوع من العالم سوف نجد، فهل يكون من المستغرب أن ينتهي بنا الأمر إلى تكوين صورة رائعة عن عالم كهذا بالضبط؟ وهكذا فإن صاحب المذهب الطبيعي يتهم المثالي بأنه ميال مقدما إلى عالم ضامن للقيم، على نحو يجعل منه شخصا متحيزا على أحسن الفروض، ومتهما بالتفكير المغرض على أسوئها، وهو على أية حال شخص لا يعتمد عليه بوصفه مصدرا للحقيقة الفلسفية. والتحدي الذي يحب أنصار المذهب الطبيعي دائما أن يوجهوه في هذه الحالة هو: «أين كان يصبح العلم لو كان قد استهدف غايات محددة مقدما، ومرضية للمشاعر الذاتية كهذه؟» ولكن المثالي يرد على ذلك عادة بقوله إنه ليس عالما، وإنه لا يعترف بأن الموقف العلمي وعلم المناهج العام هما بالضرورة أفضل المصادر الموثوق منها للحقيقة. ولكنا سنتحدث بمزيد من الإسهاب في هذه المسائل الخلافية عندما نتعرض للمذهب الطبيعي في فصلنا التالي؛ لأن المسألة كما هو واضح أكبر وأهم من أن تعالج بإيجاز. (6) المثالية الذاتية
لا بد لنا أن نحرص على ألا يفهم القارئ مما نقول إن اهتمام المثالية مركز في فرع الأخلاق وحده؛ إذ إن كثيرا من الأفراد المعاصرين لهذه المدرسة يبدون اهتماما أعظم كثيرا بالمشكلات المعرفية والميتافيزيقية؛ لذلك فإننا سننتقل من «المثالية الأخلاقية» عند مفكرين مثل أفلاطون إلى المثالية الأقرب إلى الطابع «الميتافيزيقي» (أو المعرفي) عند مفكرين مثل باركلي وهيجل. ومن حسن الحظ أن عرضنا لتفكيرهم يمكن أن يكون أكثر إيجازا بكثير من عرضنا لتفكير أفلاطون. وليس ذلك راجعا إلى أنهم أفراد أقل في هذه المدرسة - فهم في نواح كثيرة أقرب إلى الطابع الحقيقي للمثالية كما هي معروفة في عصرنا الحالي مما كان الفيلسوف اليوناني - وإنما السبب هو أن الاتجاه العام لتفكيرهم هو في أساسه نفس اتجاه تفكير أفلاطون. وسوف تظهر نتائج أخلاقية ضمنية واضحة لدى هؤلاء الفلاسفة المتأخرين، ولكن لما كانت تحليلاتهم الأكثر دقة وتخصصا هي التي تهمنا، فسوف نقصر مناقشتنا عليها.
إن المثالية المعرفية (الإبستمولوجية)، وهي أهم صور المثالية في عصرنا الحالي، هي الاعتقاد بأن الذهن وحده هو الحقيقي. أما المادة، بكل مظاهرها، فما هي إلا مضمون ذهني، وبالتالي فهي متوقفة على الذهن في وجودها. إن المادة موجودة بلا شك، غير أن وجودها هذا يمكن تحليله إلى إدراكات. ولو شئنا أن نستخدم المصطلح الحديث، لقلنا إن المادة ليس لها وجود موضوعي (أي مستقل خارج عن الذهن)، بل هي معتمدة في وجودها على الذات (أي الذهن الذي يلاحظ ويجرب). وينبغي أن يلاحظ أنه قد طرأ هنا تغيير على المذهب كما كان عند أفلاطون. فللمثل أو الصور، في مذهب أفلاطون، وجود مستقل عن الفكر. وليس المهم هنا هو أنه جعل لهذه الصور نوعا من الوجود العيني أو المادي أو لم يجعل لها، وإنما الذي يعنينا هو أن في الأفلاطونية شيئا لا يمكن رده إلى مضمون ذهني للعقل البشري أو للعقل اللامتناهي.
3
فلسفة باركلي : أصبح مذهب المثالية الذاتية هذا سائدا لأول مرة في القرن الثامن عشر. ففي ذلك الوقت كانت الفلسفة قد أصبحت تشعر شعورا واضحا بمدى صعوبة تقديم تفسير مرض للعلاقة الدقيقة بين «المعرفة» و«الواقع»؛ أي بين تجاربنا أو إدراكاتنا الحسية، وبين العالم الطبيعي الخارجي الموضوعي الذي يفترض أن هذه التجارب والإدراكات تشير إليه. والحق أن من الصعب مقاومة إغراء الدخول في تفاصيل قصة التطورات الفذة التي أدت إلى هذه النزعة الذاتية. ومع ذلك فسوف نضطر إلى الاكتفاء بالخطوط العامة لمذهب أبرع المدافعين عن النزعة الذاتية، وهو جورج باركلي. فاستدلال باركلي يسير على النحو الآتي: إن كل الأشياء التي نسميها «مادة» هي موضوعات لتجربتنا. وهي بهذا الوصف لا توجد في نظرنا إلا بوصفها إدراكات. فعندما نقول مثلا أن الشجرة توجد، فنحن نقول إن لدينا إدراكا حسيا أو تجربة نطلق عليها اسم «الشجرة». غير أن هذه التجربة، مهما تكن حيويتها، لا تضفي على أي نحو وجودا موضوعيا مستقلا على «الشجرة» التي تظل مجرد تجربة. وبالاختصار، فالقول إن أي شيء يوجد، مرادف للقول إنه يدرك من خلال حاسة واحدة أو أكثر من حواسنا. ويلخص باركلي المسألة كلها في عبارته المشهورة: وجود الشيء هو كونه مدركا
Esse est Precipi
فليس ثمة وجود بمعزل عن الذهن الذي يدخل هذا الوجود في تجربته. وبلغة علم النفس الحديث، فإن شجرتنا ليست إلا مجموعة من الإحساسات، والإحساس ذاتي. وهكذا يتضح أن ما نسميه «بالموضوع» ما هو إلا تجربة ذهنية - لأن وجوده ما هو إلا دخوله في التجربة - وكذلك الحال في المادة بكل صورها. وإذن فالواقع ذهني بحت، والعالم بأسره ذهني، ولا وجود إلا للأذهان وإدراكاتها.
نقد الموقف الطبيعي لباركلي : اعترف باركلي صراحة بالغرض من وضعه لمذهبه، فقال إنه تفنيد المادية الشائعة في عصره. فقد رأى أنه إذا أثبت استحالة وجود المادة مستقلة، فلن تكون للمادية أرجل تقل عليها - وهو رأي منطقي تماما. غير أن خصومه أهابوا بالموقف الطبيعي، وأراد أحدهم، وهو العالم اللغوي المشهور «صامويل جونسون
Samuel Johnson » أن يفند المثالية الذاتية بضربة هائلة من رجله في حجر، ويقال إنه هتف: «على هذا النحو أفند الأسقف باركلي!» ولكن لا الموقف الطبيعي، ولا ركل الحجر، بكاف للرد على حجته، كما بادر الفيلسوف الأيرلندي الذكي إلى القول. فكل ما أثبته الدكتور جونسون هو ما اعترف به المذهب الذاتي بالفعل وهو أن لدينا حزما من الإحساسات - هي في هذه الحالة إحساسات بالمقاومة العضلية ووخزة من الألم موضعها إبهام القدم. ولكن هل يثبت ذلك أن هناك أي شيء له وجود خارجي، فيما عدا أذهاننا الخاصة الواعية بوصفها مراكز للإدراك الحسي؟ إن حجة الموقف الطبيعي هي أن من الممتع الادعاء بأن موضوع الإدراك الحسي. كالكتاب الموضوع على المنضدة، لا يعود موجودا عندما نغادر الحجرة أو نتوقف عن إداركه لحظة لأي سبب آخر. غير أن باركلي يرد على الفور بقوله: «ما هي الصفات أو الخصائص التي يمكن أن يتصف بها الكتاب «الموجود» في هذه الظروف؟» فإذا ما رد الموقف الطبيعي - كما يتعين عليه أن يرد - بقوله إن هذه الصفات تنتمي إلى حاسة واحدة أو أكثر، «كالأخضر» أو «الثقيل» أو «السميك» أو «الكبير»، فعندئذ يكون باركلي قد أحكم إغلاق الفخ: فماذا تكون هذه الصفات كلها، إن لم تكن معطيات حسية؛ وبالتالي صفات ذهنية أو ذاتية خالصة؟ وهكذا يظل الوجود حزمة من الإحساسات؛ وبالتالي ذهني الطابع، على الرغم من كل ما يستطيع الموقف الطبيعي أن يعترض به عليه.
অজানা পৃষ্ঠা