জার্মান দর্শন: একটি খুব সংক্ষিপ্ত পরিচিতি
الفلسفة الألمانية: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
الفصل الرابع
الفلسفة «الرومانسية المبكرة»
التهكم
قد يبدو واضحا أن هدف الفلسفة هو اكتشاف الحقيقة النهائية عن العالم، إلا أن فريدريش شليجل (1772-1829)، الذي يعد مع نوفاليس (جورج فيليب فريدريش فون هاردنبرج) (1772-1801) أهم عضو في المجموعة التي يشار إليها عادة ب «الرومانسية الألمانية المبكرة»، يرى أن هذا الهدف ربما لا يكون واضحا بدرجة كبيرة؛ ففي الحقيقة «إنك ستصاب بالكآبة لو كان على العالم كله - كما تطلب - أن يصبح مفهوما تماما، ولو لمرة واحدة على نحو جدي.» فمن الجوانب الرئيسية للفلسفة الرومانسية الألمانية المبكرة - التي هي نتاج فترة وجيزة في نهاية القرن الثامن عشر في يينا - أنها تطرح أسئلة راديكالية عن المهمة الأساسية للفلسفة. وإذا كنا نفكر في الفلسفة من منظور الإبستمولوجيا، فالمهمة هي اكتشاف كيفية التوصل إلى المعرفة. ولكن، من غير المؤكد ما إذا كان التوصل إلى إجابة نهائية للشكوكية سيشكل أي فارق حقيقي لعلاقة معظم الناس بالعالم. وقد كان هيجل يرى التغلب على الشكوكية معتمدا على ما يسبب الشكوكية؛ أي حقيقة أن الحقائق تنفى باستمرار. ولم يعد منهجه يركز على ما إذا كان تفكيرنا يخفق في الاتصال ب «الواقع»؛ لأن «الواقع» هو - بدقة - عملية نفي يحدثها تفاعل الذات والموضوع، الأمر الذي لا يمكن وصفه من منظور فوق دنيوي. وتنطوي «الرؤية من اللامكان» بالنسبة لهيجل على نفس مشكلة «الشيء في ذاته» لدى كانط؛ فهي تتطلب الفكرة التجريدية لاستبعاد أي شيء نعرفه عن الموضوع.
وفي محاضرة عام 1801، يطرح شليجل بالفعل الفكرة التي تدل على الاتجاه الذي سوف يسميه هيجل «النفي المتعين»؛ إذ «تنشأ الحقيقة عندما تحيد الأخطاء المتعارضة بعضها ببعض». ومنهج شليجل «تهكمي»؛ إذ إنه من المرجح دوما بالنسبة له إبطال التأكيدات المثبتة للحقيقة، بالكيفية التي تبطل بها العبارة التهكمية معناها الحرفي، وجواب هيجل عن هذا النوع من التهكم هو البحث عن الموضع الذي يصير فيه المنفي هو المثبت. وفي المقابل، ترى الفلسفة الرومانسية أنه ربما لا توجد غاية نهائية للتهكم، وقد يؤدي هذا فيما يبدو إلى مشكلة أن الدعاوى المزعومة بشأن نسبية الحقيقة كلها يجب أن تكون هي نفسها مطلقة. ومع ذلك، يدرك شليجل هذا الاعتراض: «إذا كانت الحقيقة كلها نسبية، فقضية أن كل الحقيقة نسبية هي أيضا نسبية.» لذا، كيف إذن يحتفظ المرء بالشعور بالمطلق الذي سيمكنه من تجنب هذه المفارقة؟
إن المشكلة التي كشفتها النظرة الرومانسية هي أن المرء لكي يعرف أنه وصل إلى الحقيقة النهائية ، فالأمر يستلزم أن يكون على دراية سابقة بتلك الحقيقة، وإلا فسيكون مستحيلا إدراك أنها الحقيقة النهائية. وينبغي أن تكون هذه الدراية شيئا مثل الحدس العقلي لدى فيشته، الذي شكك فيه الرومانسيون بالفعل من منتصف تسعينيات القرن الثامن عشر فصاعدا. ويقول نوفاليس: «نحن في كل مكان نبتغي غير المشروط، ودوما لا نجد سوى الأشياء.» ويؤدي عدم الرضا بحدود المعرفة المتناهية إلى شعور باللامتناهي، بدلا من وجود معرفة مثبتة مؤسسة بالطبيعة الجوهرية للامتناهي. ولكن، لا يمكن التخلص من عدم الرضا عن طريق الوصول الفلسفي إلى اللامتناهي. وبالنسبة لنوفاليس، فإن «المطلق الممنوح لنا إنما يمكن معرفته بطريق النفي، عن طريق فعلنا واكتشافنا أنه لا فعل يمكنه الوصول إلى ما نسعى إليه»؛ فما تسعى إليه الفلسفة هو «أساس» مطلق يسمح لها باستكمال نفسها، لكن «إذا لم يمنح هذا، وإذا كان هذا التصور يتضمن استحالة، فإن الدافع للتفلسف سيكون نشاطا لانهائيا». ومن ثم، فالفلسفة نفسها تتخذ مكانة مختلفة، تقترب فيها مما هو قائم في تجربة الفن الحديثة، حيث لا توجد تفسيرات نهائية، بل وجهات نظر جديدة فحسب.
التوسط و«التشوف»
يشترك هيجل والرومانسيون الأوائل في أفكار تتعلق بالوضع الحديث، الذي تبدو فيه كثير من الحقائق عابرة بطبيعتها. لكن اختلافاتهم توحي بانقسام نموذجي في الفلسفة الحديثة، وهو انقسام بين مذاهب تتغلب الذات فيها على الطبيعة المتناقضة للواقع الحديث في الفلسفة، ومذاهب ترتاب في أنه بفعل ذلك فإن الذات لن تجد في العالم سوى ما يعكس صورة نفسه مرة أخرى إليها. وعليه، فإن هدف جعل التفكير شفافا تماما لنفسه - الذي هو أساس تصور المثالية الألمانية لحرية الإرادة - ربما يتبين أنه وهم. وقد اعترض جاكوبي وشلايرماخر بالفعل على فيشته من هذا المنطلق؛ ففي عام 1799، رد جاكوبي في رأي مناهض لفيشته بأن «أصل العقل هو الإصغاء، فالعقل المحض هو إصغاء لا يصغي إلا لنفسه.» ويزعم هيجل أن نظامه نهائي، حتى إن العقل يصبح شفافا لنفسه عن طريق التأمل في علاقاته بالعالم، وهنا أيضا يكون العقل في خطر الإصغاء لنفسه فقط.
إن قوة دعاوى هيجل تكمن - كما أكد معلقون محدثون - في حقيقة أن إنكارها ينطوي على احتكام إلى شيء مباشر. وسوف يزعم نيتشه أن الحافز الحقيقي للفكر هو الدوافع اللاواعية للذات، وليس البحث المحض عن الحقيقة. ومع ذلك، يجب أن يبرر هذا الزعم نفسه، ويتطلب التبرير توسطا. فيكف «نعرف» أن الفكر مستند إلى اللاوعي؟ وإذا اقتبسنا دليلا مثل زلات فرويد التي نستنبط من خلالها أن مصدر قول شخص أو فعله ليس هو الذي يظنه، فنحن بالفعل منخرطون في التوسط. وهذا يدخل القضية فيما يسمى الآن ب «فضاء الأسباب»، عن طريق تفسير آلية الكبت الذي يؤدي إلى الزلات. ويتصل المذهب الهيجلي هنا بحججه عن يقين الحواس، فيجب التشكيك في أشكال الدليل المباشر المفترض عن طريق معايير معرفية مشتركة، وأية محاولة للتحايل على مثل تلك المعايير تتطلب شرعنة تنطوي على احتكام إلى معايير أخرى هي نفسها تتطلب شرعنة.
ويبدو نهج هيجل معقولا جدا، على الرغم مما تطرحه حقيقة كون المعايير الاجتماعية دوما محل نزاع شديد من صعوبة واضحة، ولكن هذه الصعوبة لا تعني أنه ثمة طريق آخر لتبرير شيء ما. وعلى الجانب الآخر، فإن المنهج الرومانسي مهتم بأن الكمال الفلسفي المنهجي - من النوع الذي يرونه لدى فيشته - ربما يقصي الكثير مما هو ضروري لعلاقتنا بالعالم. ولا ينكر شليجل ونوفاليس الحاجة إلى الترابط المنهجي، لكنهما يريانه وكأنه «اللانظام المجلوب إلى نظام». ومثال ذلك ملاحظة نوفاليس أن «كل خرافة وخطأ لدى جميع الأزمنة والشعوب والأفراد تقوم على خلط «الرمز» بالمرموز له - على جعلهما متطابقين - وعلى الاعتقاد في التمثيل الحقيقي التام.» وتكمن جاذبية المذهب الهيجلي فيما يتعلق بالشكوكية في الكيفية التي يتحاشى بها الحاجة إلى دليل تأسيسي يوضح كيف يرتبط العقل والعالم. لكن هيجل يهدف إلى جعل الرمز (النظام) وما يرمز له (الوجود، العالم) متطابقين. فإذا قبل امرؤ عدم الاحتكام إلى دليل تأسيسي في الأمور المعرفية، فإن المذهب الهيجلي يقدم بديلا مقنعا؛ فأي شيء يزعم كونه حقيقيا يجب إخضاعه إلى التوسط، ويبدو من الممكن تحقيق الوصف الفلسفي المنهجي للتراكيب الديناميكية للتوسط، حتى إن لم ينجح هيجل نفسه بالفعل.
অজানা পৃষ্ঠা