وكان يحصل له من الأموال شيء كثير جدا، وكان مع ذلك من ابخل الناس لا يكاد يأكل من اللحم من بخله ولا يشعل في بيته سراجا ولا يلبس من الثياب إلا الكرابيس والفرو الغليظ. خرج يوما إلى المهدي فقالت امرأة من أهله: أن أطلق
لك الخليفة شيئا فاجعل لي منه شيئا. فقال: إن أعطاني مائة ألف درهم فلك درهم، فأعطاه ستين ألف درهم فأعطاه أربعة دوانيق. توفي سنة ١٨٢.
محمد بن داود
ابن علي أبو بكر الفقيه ابن لفقيه الطاهري بن لطاهري. كان عالما بارعا أديبا شاعرا فقيها ماهرا. قال ابن كثير: قال ابن الجوزي في المنتظم: وقد ابتلى بحب صبي اسمه محمد بن جامع ويقال محمد بن زخرف ويعشقه ولم يزل ذلك دأبه فيه مع العفاف حتى كان سبب وفاته. وقيل عنه إنه كان يبيح العشق بشرط العفاف، وحكي هو عن نفسه إنه لم يزل يتعشق مذ كان في الكتاب، وإنه صنف كتاب الزهرة في ذلك، وكان يتناظر هو وأبو العباس بن شريح فقال له ابن شريح يوما: أنت بكتاب الزهرة أمهر منك بهذا. فقال له: أتعيرني بكتاب الزهرة وأنت لا تحسن تشم قراءته، وهو كتاب جمعناه هزلا فاجمع أنت مثله جدا. توفي سنة ٢٩٧.
الحسن بن سفيان
ابن عامر أبو العباس الشيباني النسوي محدث خراسان، والذي كانت تضرب آباط الإبل إليه في معرفة الحديث والفقه. رحل إلى الآفاق وتفقه على أبي ثور وأخذ الأدب من أصحاب النضر بن شميل. اتفق له إنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم لطلب الحديث، فضاقت عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون فيها شيئا ولا يجدون ما يبيعونه للقوت، واضطرهم الحال إلى تجشم السؤال وأنفت نفوسهم من ذلك والحاجة تضطرهم، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بهذا الأمر فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان، فقام عنهم واختلى في زاوية المسجد وصلى ودعا، فما انصرف من الصلاة حتى دخل شاب حسن الهيئة فقال:
الأمير ابن طولون يتعذر إليكم وهذه مائة
1 / 81