ولما كثرت الفتوح كثر الاسترقاق من الأمم المفتوحة كثرة هائلة، ووزع المسترقون رجالا ونساء وذراري على العرب الفاتحين، حتى يرى المسعودي أن الزبير بن العوام كان له ألف عبد وألف أمة.
وهذا الرقيق يعد مملوكا للسيد كالمتاع، له الحق في بيعه وهبته، وإذا كان أمة جاز للسيد أن يستمتع بها.
ولا يقيد الملك بعدد، فيصح أن يكون للرجل عدد كبير من العبيد، كما يصح أن يكون في بيته عدد من الإماء، وإذا ولدت الأمة من سيدها فالولد ابنه وتسمى هي «أم ولد» له، وتبقى ملكا له بعد ولادتها يستمتع بها، ولكن لا يجوز له أن يبيعها أو يهبها، وإذا مات عنها فهي حرة.
وقد أوجب الإسلام حسن معاملة الرقيق، وحبب إلى المالك العتق، وجعله كفارة عن كثير من الجرائم.
وللمالك أن يعتق عبده أو أمته؛ أي: أن يرد له حريته، ولكن تبقى هناك صلة بين المعتق والمعتق؛ وهذه الصلة تسمى «الولاء» ويظل المعتق ينسب إلى من أعتقه، فيقولون: زيد بن حارثة مولى رسول الله؛ أي: عتيقه، وإن كانت أنثى فهي مولاته، والجمع موال، وإذا كان المعتق من قبيلة، فقد ينسبون المولى إلى هذه القبيلة، فيقولون مولى بني هاشم، أو مولى ثقيف؛ وأحيانا يعبرون عن ذلك بقولهم: الهاشمي بالولاء، أو الأموي بالولاء؛ وهكذا، ويظهر أثر هذه الصلة فيما إذا مات المعتق من غير وارث فإن المعتق يرثه.
وقد كانوا أحيانا يبيعون الولاء مع بقاء الرق، جاء في الأغاني في ترجمة (سائب خاثر) «أن أصله من فيء كسرى؛ وقد اشترى عبد الله بن جعفر ولاءه من مواليه»
7 .
وهناك نوع آخر من الولاء ليس سببه العتق، وإنما سببه أن يسلم رجل على يد رجل آخر، ويتعاقد معه فيكون ولاؤه له
8 .
هذا هو نظام الولاء من الوجهة القانونية، أما تاريخيا، فيظهر أن الولاء لم يكن له هذا المعنى عند العرب في الجاهلية، وإنما كان يطلق «موالي الرجل» على حلفائه وعلى ورثته من بني عمه وإخوته وسائر عصبته؛ جاء في تفسير الطبري: «قال ابن زيد في قوله تعالى:
অজানা পৃষ্ঠা