الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
জনগুলি
ثانيًا: ماذا تريدون بالمحسوس الذي لا تؤمنون إلا به؟ أتريدون محسوسًا يُرى بالعين أو يسمع بالأذن، أو يشم بالأنف، أو يذاق باللسان، أو يقبض عليه باليد؟
إن كثيرًا من الأشياء موجودة، ولكنها لا رائحة لها، ولا مذاق لطعمها، ولا يمكن أن تمسك باليد، وأنتم تعرفونها ولا تنكرونها، وتستدلون على وجودها بآثارها.
ثالثًا: هذه الروح التي بين جنبيكم صفوها لنا، وبينوا لنا حقيقتها، أو لا تؤمنون بها، وهي تسري في أجسادكم.
حدثونا عن الأحياء الدقيقة، والفيروسات الخفية التي تعيش في ثنايا الكون، ولم تكتشف إلا في عهد قريب، هل تؤمنون بها أم لا؟ ونحن لا نعرف عنها إلا الشيء اليسير.
نجدكم تؤمنون بكثير من الحقائق التي لا تلامسونها، كالكهرباء والمغناطيس وهي من خلق الله تعالى، أفلا تؤمنون بالبعث الذي بينت شواهده، وكثرت دلائله.
١٢ - قال منكرو البعث: حركات الفلك مستديرة، والمستدير لا ضد له وما لا ضد له لا يقبل الفساد (^١).
فالجواب: أن يُقال: إن الأصل في إبطال هذه الشبهات، أن نقيم الدليل على أن أجرام الأفلاك مخلوقة، ومتى ثبت ذلك ثبت كونها قابلة للعدم والتفرق والتمزق، ولهذا السر فإنه تعالى بدأ في بعض المواضع من القرآن كبداية سورة يونس ﵇، بذكر الدلائل الدالة على حدوث الأفلاك ثم أردفها بما يدل إلى صحة القول بالمعاد.
فهذه جملة من شبهات منكري البعث والمعاد، ترى كلها متهافتة ساقطة، لا تقوم في نفسها، فضلًا على أن تقوم في الاستدلال على غيرها.
وكذا من جملة ما ذكر يتبين أن منكري البعث والحشر على قسمين:
الأول: من لم يذكر فيه دليلًا ولا شبهة، وإنما اكتفى بالاستبعاد، وادعى الضرورة، وهم الأكثر، وتدل عليه دلائل القرآن الكريم بالتي بينت استبعادهم للمعاد، كما قال تعالى حكاية عنهم: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (١٠)﴾ [السجدة:١٠].
(^١) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (١٧/ ٢٠٣).
1 / 227