ফাহম ফাহম
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
জনগুলি
The Origin of the Work of Art
لم تنشر حتى عام 1950م عندما ضمنها كتابه «متاهات» (مسالك في الغابة)
Holzwege ، في هذه المحاضرات الثلاث يجد القارئ مذهب «هيدجر» في طبيعة الفن في أكمل عرض وأقومه، حقيقة الأمر أن هذه المحاضرات تنقل إلى نطاق الفن تلك التصورات الهرمنيوطيقية ال «هيدجرية» عن الحقيقة والوجود، وعن اللغة بوصفها حديثا وقولا كما بينا آنفا، فالعمل الفني العظيم يتكلم، وهو إذ يفعل ذلك إنما يستقدم «عالما»
World
ويأتي به ويستحضره، هذا «الكلام»، شأنه شأن كل «قول» حقيقي، يكشف الحقيقة ويحجبها في الوقت نفسه، «إن الجمال هو طريقة للحقيقة، بوصفها لا تحجبا، في المثول»، فالشاعر مثلا يسمي «المقدس» (يقيض له اسما) وبذلك يستقدمه إلى الظهور ويحمله على المثول في «شكل»
Form ، و«هيدجر» يرد جميع الفنون إلى الشعر ويراها «شعرية» (بالمعنى الواسع للشعر المستمد من أصل الكلمة اليوناني التي تعني الإبداع والإنشاء والخلق)، إنها شعرية في صميمها وجوهرها، وهي طريقة لكشف النقاب عن وجود الموجودات وتحويل الحقيقة إلى حدث تاريخي عياني ملموس.
يقوم هذا الموقف الاستطيقي على التوتر الداخلي بين «الأرض»، بوصفها الأساس الخلاق للأشياء، وبين «العالم». الأرض عند «هيدجر» تمثل الأم الخصبة والمصدر البدائي والأساس الأولي لكل شيء. والعمل الفني، بوصفه حدثا تتكشف فيه الحقيقة وتميط لثامها، يمثل الإمساك بهذا التوتر الخلاق واحتباسه في «شكل»، إنه يكشف للإنسان التوتر الباطن بين «الأرض» و«العالم» ويأتي به إلى نطاق الموجودات ككل، المعبد اليوناني، على سبيل المثال، الرابض في الوادي، يخلق فضاء مفتوحا في الوجود، يخلق فضاءه الحي الخاص، وهو في جمال شكله الفني يترك مواده البنائية تشع في بهائها، لقد صب هذه المواد في «شكل» من شأنه أن يظهرها ويبرزها ويجعلها تتلألأ وتضيء، إن المعبد لا يحاكي شيئا ولا ينسخ أي شيء، إنه، ببساطة، يفرغ لذاته وينحت من نفسه «عالما» يحس فيه وجود الآلهة وجلال حضرتها، وإذا كانت مادية المواد تختفي في «الموضوعات النفعية» أو «الأدوات» كلما نجحت في أداء وظيفتها كأدوات، فإن العمل الفني لا يفتح «عالما» إلا من خلال إظهار مادية المواد على التحديد: «الحجر يبقى حجرا، والمعدن يضيء ويضوئ، والألوان تشع كألوان، والأنغام تأتي صوتا حقيقيا، والكلمة تتحدث»، ولئن كان كل من المثال والبناء يستخدم في إنتاجه الصخر أو الحجارة، إلا أن الأول منهما لا يريد للحجارة أن تختفي في طوايا عمله الفني، بل هو يريد لها أن تفصح عن كل ما تنطوي عليه من دلالات جمالية، وعلى العكس من ذلك، نجد البناء يستخدم الحجارة، وكأنما هو يستهلكها؛ لأنه لا يريد لها سوى أن تصبح عنصرا صلبا يندمج في بناء متين، دون أن يكون له وجوده المستقل.
وكذلك الحال بالنسبة إلى المصور، فإنه يستعين بمجموعة من الألوان، ولكنه لا «يستهلك» هذه الأصباغ اللونية، بل هو يريد أن يصل بها إلى أعلى درجة من درجات نصوعها، ولا يختلف حال الشاعر عن حال غيره من الفنانين: فهو أيضا يستعين بالكلمات أو الألفاظ، ولكنه لا يتكلم كأولئك الذين يتكلمون أو يكتبون في الحياة العادية المبتذلة، فإن هؤلاء «يستهلكون» الألفاظ بالضرورة، بينما الشاعر يستخدم «اللفظ» لكي يخلق منه «قولا»؛ أعني أنه لا يستعين بالكلمات كمجرد أدوات، بل هو يبرز كل ما في الكلمة من عمق وكثافة ودلالة. «العمل الفني» إذن ليس مجرد «منتج صناعي» نحكم عليه بالنظر إلى مدى تلاؤم صورته مع مادته، وإنما هو، على حد تعبير «هيدجر»، كائن متفتح يخفق تحت وقع وجوده باعتباره عملا مبدعا.
14
إن العمل الفني لا يريد أن يطمس الأرض في صنعته ويخفي أرضيتها، بل يريد أن يترك الأرض أرضا! فالأرض ليست مجرد شيء جعل للسير عليه كما أن الشجرة ليست مجرد شيء واقف على الطريق، فالأرض هي ذلك الشيء الذي يكشف عن نفسه في إشعاع المعدن ورنين النغم ثم يخفيها مرة ثانية، إنها تلقائية وموصولة، «وعلى الأرض وفيها يؤسس الإنسان التاريخي سكناه في العالم»، وفي الفن نجد أن تشييد عمل فني من «خامة» الأرض يخلق «عالما»، فالعمل الفني يمسك الأرض نفسها ويحتفظ بها في انفتاح «عالم»، فتشييد الأرض وعرض العالم هما، من وجهة نظر «هيدجر»، السمتان الأساسيتان للعمل الفني.
অজানা পৃষ্ঠা