ثم إن عثمان -رضى الله عنه- رَدَّ الصحف إلى حفصة -رضى الله عنها، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها، فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها؛ لئلا يكون فيها شىء يخالف المصاحف الأئمة التى نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا.
رواه أبو بكر١ بن أبى داود عن أبى حاتم السجستانى؛ سمعه يقوله.
وصحَّحَ٢ القرطبى أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف -وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلَّا تختلف قراءات الناس فى الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك، ولم ينكره أحمد منهم، وإنما نقم عليه ذلك "أولئك"٣ الرهط الذين تمالئوا عليه وقتلوه -قاتلهم الله، وذلك فى جملة ما أنكروا مما لا أصل له، وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ فى عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقهوه.
_________
١ في "المصاحف" "ص٣٤".
٢ في "تفسيره" "١/ ٥٤" وعبارته: "ونسخ منها عثمان نسخًا، قال غيره، قيل: سبعة، وقيل: أربعة، وهو الأكثر". أ. هـ.
٣ سقط من "أ".
1 / 77