مصحف واحد، وينفذه إلى الآفاق، ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه، ففعلت حفصة. وأمر عثمان هؤلاء الأربعة، وهم: زيد بن ثابت الأنصارى، أحد كتاب الوحى لرسول الله ﷺ، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا، وأصلا وفضلا، وسعيد بن العاص بن أمية القرشى الأموى، وكان كريما جوادا مُمَدَّحًا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله ﷺ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى.
فجلس هؤلاء النَّفَر الأربعة يكتبون بالقرآن نسخًا، وإذا اختلفوا في "وضع"١ الكتابة على أيِّ لغة، رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا فى التابوت٢، أيكتبونه بالتاء أو الهاء؟ فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه، وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت، "فترافعوا"٣ إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش؛ فإن القرآن نزل بلغتهم، وكان عثمان "رضى الله عنه"٤ -والله أعلم- رتَّبَ السور فى المصحف، وقدَّم السبع الطُّوَل، وثنَّى بالمئين.
_________
١ في "أ": "موضع".
٢ أخرجه الترمذي "٣١٠٤"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" "٣/ ١٠٠٠-١٠٠١"، وابن أبي داود في "المصاحف" "ص١٩"، والبيهقي "٢/ ٣٨٥" من قول الزهري.
قال الحافظ في "الفتح" "٩/ ٢٠": "قال الخطيب: إنما رواها ابن شهاب مرسلة". أ. هـ.
وأخرجه البيهقي من طريق أبي الوليد، عن إبراهيم بن سعدة عن الزهري قوله، وصنيعه يرجع الإرسال. والله أعلم.
٣ في "أ" و"ط": "فتراجعوا".
٤ من "أ".
1 / 71