استطاع أحد أن يتكلم بكلام الرحمن.
لكن الله عز وجل وإن لم يكلفهم جميعه على الأعيان لما فيه من المشقة والامتناع عن الأكثر، فإنه عز وجل لم يحب من جميعهم إلا حفظه طواعية منهم، أو الجد والاجتهاد فيه إلى تصرم الأجال، وإبلاء العذر عند الله عز وجل للعجز، بدليل ما تقدمنا به من الوعيد لمن نسي شيئا منه بعدما تعلمه، إذ الوعيد من الله لم يرد إلا في ترك الفرائض أو فيما يجري مجريها ومن وجوه أخر، وسأذكر طرفا من ذلك على الوجز ما ينبه على ما وراءه، فلعله قد يحث بعض المتوانين على إتقانه حفظا، أو يحض المستهترين به على إحسانه لفظا، أو يحمل المستظهرين إياه على الاستكثار منه تدبرا ودرسا، أو يقصر من يزهد في حفظه غيره، أو يفتر، إما قصورا وإما جهلا.
فمنها: ما لزم الأمة من الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في جلي أمر الشرع وخفيه، قولا وفعلا، على الوجوب أو الندب إلى أن يقوم دليل على أنه كان عليه السلام، مخصوصا به من قوله: أو فعله، فلما وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حافظا بجميع ما نزل عليه من القرآن، ومأمورا بقراءته، حتى أنه عليه السلام، من شدة تمسكه بحفظه كان يعرض على جبريل عليهما السلام، في كل سنة مرة واحدة، وفي السنة التي قبض فيها عرض عليه عليهما السلام مرتين، وكان يعرض على أصحابه ويعرضون عليه، ويعجل به ليستكثر منه،
পৃষ্ঠা ৪৫