خاتمة روى ابن الجوزي في كتاب التوابين ، روى عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته ، فقال : كنت شرطيا ، ثم إني اشتريت جارية نفيسة ، ووقعت مني أحسن موقع ، وولدت مني بنتا ، فشغفت بها ، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا ، وألفتني وألفتها ، فلما تمت لها سنتان ماتت ، فأكمدني حزنها ، فلما كانت ليلة النصف من شعبان ، وكانت ليلة جمعة رأيت في منامي كأن القيامة قد قامت ، ونفخ في الصور ، وبعث من في القبور ، وحشر الخلائق وأنا معهم ، فسمعت حسا ، فالتفت فإذا أنا بتنين عظيم ، أسود أزرق ، قد فتح فاه مسرعا نحوي ، فمررت بين يديه هاربا فزعا مرعوبا ، فمررت في طريق شيخ / نقي الثياب ، طيب الرائحة ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت 8ب أيها الشيخ أجرني من هذا التنين ، أجارك الله ، فبكى ، فقال ، أنا ضعيف ، وهذا أقوى مني ، فمر وأسرع ، فلعل الله أن يقيض لك من ينجيك منه ، فوليت هاربا على وجهي ، فصعدت على شرف من شرف القيامة ، فأشرفت على طبقات النيران ، فكدت أهوي فيها من فزعي ، فصاح صائح : ارجع فلست من أهلها ، فاطمأننت إلى قوله ، ورجعت ، ورجع التنين في طلبي ، فرأيت الشيخ ، فقلت : يا شيخ سألتك أن تجيرني من هذا التنين ، فلم تفعل ، فبكى الشيخ وقال : أنا ضعيف ، ولكن سر إلى هذا الجبل لأن فيه ودائع المسلمين ، فإن كان لك فيه وديعة فتنصرك ، قال : ونظرت إلى جبل مستدير من فضة ، فيه طاقات مخرقة ، وستور معلقة ، وعلى كل طاقة مصارع من الذهب الأحمر مفضضة بالياقوت ، مكنوفة بالدر ، على كل مصراع ستر من الحرير ، فلما نظرت إلى الجبل هرولت إليه ، والتنين من ورائي ، حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة : ارفعوا الستور ، وافتحوا المصارع ، وأشرفوا ، فلعل لهذا اليائس بينكم وديعة تجيره من عدوه ، فلما افتتحت المصارع ، وأشرفوا علي ، فرأيت الأطفال كالأقمار ، وقرب التنين مني ، فحرت في أمري ، فصاح بعض الأطفال : ويحكم / أشرفوا كلكم ، فقد قرب منه عدوه ، فأشرفوا فوجا بعد فوج ، فإذا 9أ بابنتي التي ماتت قد نظرت إلي ، وقالت : أبي والله ، ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم صارت عندي ، ومدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى ، فتعلقت بي ، ومدت يدها اليمنى إلى التنين ، فولى هاربا ، ثم أجلستني ، وقعدت في حجري ، وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي ، وقالت : يا أبتي [ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله] (¬1) فبكيت ، وقلت : يا بنتي ، وأنتم تعرفون القرآن ، فقالت : يا أبت ، ونحن أعرف به منكم ، قلت : أخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني ، قالت : ذلك عملك السيئ قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم ، قلت : والشيخ الذي رأيته ، قالت : ذلك عملك الصالح ، ضعفته حتى لم يكن له طاقة لعملك السيء ، فقلت : يا بنتي ، ما تصنعون في هذا الجبل ؟ قالت : أطفال المسلمين سكنوا فيه إلى يوم القيامة ، ننظركم تقدموا علينا ، فنشفع لكم ، قال مالك بن دينار : فانتبهت فزعا مرعوبا ، فكسرت آلات المخالفة ، ونزلت على جميع ذلك ، وعقدت التوبة مع الله عز وجل نصوحا ، فتاب علي سبحانه وتعالى انتهى .
পৃষ্ঠা ১৫