بيعته، المهاجرون والأنصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس. وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني امية، وجعل لهم البلاد، وخولهم العباد، فأظهروا في الأرض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتى غلبوه على أمره، فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا، وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له في رقابهم، فقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له علينا طاعة. فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة، واستأثر بالفيء، واستعمل من لا يستأهل، رأوا أن جهاده جهاد، وأما من خذله، فإنه رأى أنه يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتى قتل.
واجتمعوا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإني قد كنت كارها لهذه الولاية، يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمد صلى الله عليه وآله حتى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته، فإن نجا فبعدله، وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام، يخرق به الصراط، فأول ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه». ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.
পৃষ্ঠা ৯০