Facilitation of Menstruation Rules
تيسير أحكام الحيض
জনগুলি
حكم غسل المرأة لزوجها بعد وفاته
المسألة الثانية: رجل كان زوجًا لطيفًا عفيفًا مخلصًا لامرأته، وكتب في وصيته لامرأته ألا تتزوج بعده؛ لأنه يريدها في الجنة، والمرأة على خلاف بين العلماء، هل تكون في الجنة مخيرة بين الزوجين أو هي لآخر زوج؟ والصحيح الراجح أنها لآخر زوج، أو إذا صححنا الأثر فإنها تخير بين الزوجين في الأحسن خلقًا، لكن أنا أقول بالأثر: أنها تكون لآخر زوج، هذا الصحيح الراجح.
فكتب في الوصية ألا تتزوج بعده، ثم كتب: وتغسلني امرأتي، فهل لها أن تغسله أو ليس لها أن تغسله؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: أما الأحناف فقالوا: ليس لها أن تغسله.
قلنا: لم؟ قالوا: لأنه قد انقطع عقد الزوجية، وهي سوف تمس عورته، وتمس أجنبيًا عنها، فلا يجوز لها أن تمسه ولا أن تغسله.
القول الثاني: وهو قول جمهور أهل العلم -وهو الراجح الصحيح- من المالكية والشافعية والحنابلة: أن لها أن تغسل زوجها إذا وصى بذلك، والأدلة كثيرة من النظر والأثر.
أما من الأثر فإن عائشة ﵂ وأرضاها تمنت أن تغسل رسول الله ﷺ، والدليل على ذلك أنها قالت: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله إلا أزواجه.
فـ عائشة ﵂ وأرضاها تمنت أن تغسل زوجها، ولا تتمنى إلا الحق والصحيح، فهذا التمني لو كان محرمًا لما تمنت هذه الأمنية.
أيضًا: أبو بكر الصديق ﵁ وأرضاه أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس ﵂ وأرضاها، فلما مات غسلته أسماء بنت عميس، ووجه الدلالة من ذلك أنها فعلت هذا على مشهد ومرأى ومسمع من الصحابة، ولو كان حرامًا لأنكره صحابة رسول الله ﷺ.
أيضًا: علي بن أبي طالب قد غسل امرأته فاطمة بنت محمد ﷺ ورضي الله عنها، فإن علي بن أبي طالب هو وذلك بوصية منها، فهذا فيه دلالة على الجواز.
وهناك قصة لطيفة ذكرها صاحب سير أعلام النبلاء: أن امرأة مات زوجها وهي في زمن الحيض، ووصى بأن تغسله، فوجدت يحيى بن معين وكان محدثًا بارعًا جهبذًا في علم الرجال، لكن ما انشغل بفقه المتن، وهذا الذي نرضى به عن إخواننا ونقول: لا بد أن ننشغل بعلم الحديث والفقه، إذا جاءك الحديث فلك فيه طريقان: إثبات سنده وفقه متنه، وفقه المتن هو رأس الأمر، فسألته فقالت: يا هذا! إن زوجي أوصى أن أغسله وأنا على حيض هل أغسله؟ فوقف وما استطاع أن يجيب، ثم رأى أبا ثور فقال: سل هذا الرجل، فسألته فقال لها: نعم غسليه، فقد كان رسول الله ﷺ يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فترجله عائشة وهي حائض، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أنه قاس قياس الأولى، قال: كانت ترجله وهي حائض، أي: تنفعه، فالميت أولى بهذا، فنقول: حاجة الرجل وهو ميت أولى من حاجته حيًا، والحديث الذي يدلك على المساواة قول النبي ﷺ: (كسر عظم الميت ككسره حيًا)، فهذه الرواية فيها دلالة واضحة على أن المرأة تغسل زوجها.
أختم هذه الرسالة وأسأل الله جل في علاه أن تكون خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع الله بها كل امرأة، وأن ينفعني وإخوتي بها، وأن يجعلها مدادًا للحسنات بعد الممات، والله جل في علاه لا يقبل عملًا إلا إذا كان خالصًا لوجهه الكريم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان:٢٣] وويل كل الويل لمن يعمل للصيت أو السمعة أو الرياء، فإن الله جل في علاه بالمرصاد لكل قلب زائغ، وإن الله جل في علاه يعطي المنافق نقيض قصده، وقد قال النبي ﷺ كما في الصحيحين: (من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به) والله جل في علاه يبغض المنافق والعياذ بالله ويبعده، وإن أول من تسعر بهم النار طالب علم منافق، طلب العلم حتى يسمع أو حتى يرائي ويشار إليه بالبنان، والله لا يقبل الله علمًا ولا عملًا إلا ابتغاء وجهه الكريم، وأسأل الله جل في علاه أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.
10 / 6