دلالة الآيات
إن في خلق السماوات والأرض، وما بث فيهما من دابة لآيات بينات تحرق كل شبهة، وتخرس كل كفور، وترغم كل مكابر ومعاند، لما تتضمنه من الشهادة لله بالربوبية والألوهية على الخلق أجمعين، فهي بعددها أدلة على ثبوت خالقها جل وعلا.
فهذه المخلوقات على ما هي عليه من العظمة والتسوية لم تخلق من غير شيء، كما أنها لم تخلق نفسها، وذلك مما استقر بالفطر، وعلم بالضرورة والبداهة، فلم يبق إذن إلا أنها خلقت بتقدير العزيز العليم، الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى.
وإن إثبات الصانع في القرآن بنفس آياته التي يستلزم العلم بها العلم به، كاستلزام العلم بالشعاع العلم بالشمس، من غير احتياج إلى قياس ولا غيره.
قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35].
قال جبير بن مطعم: لما سمعتها أحسست بفؤادي قد تصدع، وفي هذه الآية استفهام إنكاري يقول: هل وجدوا من غير مبدع؟ أم هم الخالقون لأنفسهم؟ والنتيجة معلومة بالفطرة والضرورة، فلا يحتاج أن يستدل عليها: بأن كل كائن محدث، أو كل ممكن لا يوجد بنفسه ولا يوجد من غير موجد، قال تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت} [الغاشية: 17 - 19].
পৃষ্ঠা ৯